responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 1  صفحه : 84
لَمْ يَشْتَدَّ اعْتِنَاءُ السَّلَفِ بِتَحْدِيدِ أَوْقَافِهِ لِظُهُورِ أَمْرِهَا، وَمَا ذُكِرَ عَنِ ابْنِ النَّحَّاسِ مِنَ الِاحْتِجَاجِ لِوُجُوبِ ضَبْطِ أَوْقَافِ الْقُرْآنِ بِكَلَامٍ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ لَيْسَ وَاضِحًا فِي الْغَرَضِ الْمُحْتَجِّ بِهِ فَانْظُرْهُ فِي «الْإِتْقَانِ» لِلسُّيُوطِيِّ.
فَكَانَ الِاعْتِبَارُ بِفَوَاصِلِهِ الَّتِي هِيَ مَقَاطِعُ آيَاتِهِ عِنْدَهُمْ أَهَمُّ لِأَنَّ عَجْزَ قَادَتِهِمْ وَأُولِي الْبَلَاغَةِ وَالرَّأْيِ مِنْهُمْ تَقُومُ بِهِ الْحُجَّةُ عَلَيْهِمْ وَعَلَى دَهْمَائِهِمْ، فَلَمَّا كَثُرَ الدَّاخِلُونَ فِي الْإِسْلَامِ مِنْ دَهْمَاءِ الْعَرَبِ وَمِنْ عُمُومِ بَقِيَّةِ الْأُمَمِ، تَوَجَّهَ اعْتِنَاءُ أَهْلِ الْقُرْآنِ إِلَى ضَبْطِ وُقُوفِهِ تَيْسِيرًا لِفَهْمِهِ عَلَى قَارِئِيهِ، فَظَهَرَ الِاعْتِنَاءُ بِالْوُقُوفِ وَرُوعِيَ فِيهَا مَا يُرَاعَى فِي تَفْسِيرِ الْآيَاتِ فَكَانَ ضَبْطُ الْوُقُوفِ مُقَدِّمَةً لِمَا يُفَادُ مِنَ الْمَعَانِي عِنْدَ وَاضِعِ الْوَقْفِ.
وَأَشْهَرُ مَنْ تَصَدَّى لِضَبْطِ الْوُقُوفِ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ الْأَنْبَارِيِّ، وَأَبُو جَعْفَرِ بْنُ النَّحَّاسِ، وَلِلنَّكْزَاوِيِّ أَوِ النَّكْزَوِيِّ كِتَابٌ فِي «الْوَقْفِ» ذَكَرَهُ فِي «الْإِتْقَانِ» ، وَاشْتَهَرَ بِالْمَغْرِبِ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي جُمُعَةَ الْهَبَطِيُّ الْمُتَوفَّى سنة 930.

سور الْقُرْآن
السُّورَةُ قِطْعَةٌ مِنَ الْقُرْآنِ مُعَيَّنَةٌ بِمَبْدَأٍ وَنِهَايَةٍ لَا يَتَغَيَّرَانِ، مُسَمَّاةٌ بِاسْمٍ مَخْصُوصٍ، تَشْتَمِلُ عَلَى ثَلَاثِ آيَاتٍ فَأَكْثَرَ فِي غَرَضٍ تَامٍّ تَرْتَكِزُ عَلَيْهِ مَعَانِي آيَاتِ تِلْكَ السُّورَة، ناشيء عَنْ أَسْبَابِ النُّزُولِ، أَوْ عَنْ مُقْتَضَيَاتِ مَا تَشْتَمِلُ عَلَيْهِ مِنَ الْمَعَانِي الْمُتَنَاسِبَةِ. وَكَوْنُهَا تَشْتَمِلُ عَلَى ثَلَاث آيَات مَأْخُوذ مِنِ اسْتِقْرَاءِ سُوَرِ الْقُرْآنِ مَعَ حَدِيثِ عُمَرَ فِيمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ عَنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: «جَاءَ الْحَارِثُ بْنُ خُزَيْمَةَ (هُوَ الْمُسَمَّى فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ خُزَيْمَةُ وَأَبَا خُزَيْمَةَ) بِالْآيَتَيْنِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ بَرَاءَةَ فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنِّي سَمِعْتُهُمَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ، فَقَالَ عُمَرُ وَأَنَا أَشْهَدُ لَقَدْ سَمِعْتُهُمَا مِنْهُ، ثُمَّ قَالَ: لَوْ كَانَتْ ثَلَاثَ آيَاتٍ لَجَعَلْتُهَا سُورَةً عَلَى حِدَةٍ» إِلَخْ،
فَدَلَّ عَلَى أَنَّ عُمَرَ مَا قَالَ ذَلِكَ إِلَّا عَنْ عِلْمٍ بِأَنَّ ذَلِكَ أَقَلُّ مِقْدَارِ سُوَرِهِ.
وَتَسْمِيَةُ الْقِطْعَةِ الْمُعَيَّنَةِ مِنْ عِدَّةِ آيَاتِ الْقُرْآنِ سُورَةٌ مِنْ مُصْطَلَحَاتِ الْقُرْآنِ، وَشَاعَتْ تِلْكَ التَّسْمِيَةُ عِنْدَ الْعَرَبِ حَتَّى الْمُشْرِكِينَ مِنْهُمْ، فَالتَّحَدِّي لِلْعَرَبِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ [هود: 13] وَقَوْلِهِ: فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ [الْبَقَرَة: 23] لَا يَكُونُ إِلَّا تَحَدِّيًا بِاسْمٍ مَعْلُوم المسمّى والمدار عِنْدَهُمْ وَقْتَ التَّحَدِّي، فَإِنَّ آيَاتِ التَّحَدِّي نَزَلَتْ بَعْدَ السُّوَرِ الْأُوَلِ، وَقَدْ جَاءَ فِي الْقُرْآنِ تَسْمِيَةُ سُورَةِ النُّورِ بِاسْمِ سُورَةٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: سُورَةٌ أَنْزَلْناها [النُّور:
1] أَيْ هَذِهِ سُورَةٌ، وَقَدْ زَادَتْهُ السُّنَّةُ بَيَانًا. وَلَمْ تَكُنْ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 1  صفحه : 84
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست