responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 1  صفحه : 746
فَلِذَلِكَ كَانَ لِقَوْلِهِ وَهُوَ رَبُّنا وَرَبُّكُمْ مُوقِعٌ فِي تَأْيِيدِ الْإِنْكَارِ أَيْ بَلَغَتْ بِكُمُ الْوَقَاحَةُ إِلَى أَنْ تُحَاجُّونَا فِي إِبْطَالِ دَعْوَةِ الْإِسْلَامِ بِلَا دَلِيلٍ سِوَى زَعْمِكُمْ أَنَّ اللَّهَ اخْتَصَّكُمْ بِالْفَضِيلَةِ مَعَ أَنَّ اللَّهَ رَبُّنَا كَمَا هُوَ ربكُم فَلَمَّا ذَا لَا يَمُنُّ عَلَيْنَا بِمَا مَنَّ بِهِ عَلَيْكُمْ؟.
فَجُمْلَةُ وَهُوَ رَبُّنا حَالِيَّةٌ أَيْ كَيْفَ تُحَاجُّونَنَا فِي هَاتِهِ الْحَالَةِ الْمَعْرُوفَةِ الَّتِي لَا تَقْبَلُ الشَّكَّ، وَبِهَذِهِ الْجُمْلَةِ حَصَلَ بَيَانٌ لِمَوْضُوعِ الْمُحَاجَّةِ، وَكَذَلِكَ جُمْلَةُ وَلَنا أَعْمالُنا وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ وَهِيَ عَطْفٌ عَلَى الْحَالِ ارْتِقَاءً فِي إِبْطَالِ مُجَادَلَتِهِمْ بَعْدَ بَيَانِ أَنَّ الْمَرْبُوبِيَّةَ تُؤَهِّلُ لِإِنْعَامِهِ كَمَا أَهَّلَتْهُمْ، ارْتقى فَجعل مرج رِضَى اللَّهِ تَعَالَى عَلَى عِبَادِهِ أَعْمَالَهُمْ فَإِذَا كَانَ قَدْ أَكْرَمَكُمْ لِأَجْلِ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ فَلَعَلَّهُ أَكْرَمَنَا لِأَجْلِ صَالِحَاتِ أَعْمَالِنَا فَتَعَالَوْا فَانْظُرُوا أَعْمَالَكُمْ وَانْظُرُوا أَعْمَالَنَا تَجِدُوا حَالَنَا أَقْرَبَ إِلَى الصَّلَاحِ مِنْكُمْ.
قَالَ الْبَيْضَاوِيُّ: «كَأَنَّهُ أَلْزَمَهُمْ عَلَى كُلِّ مَذْهَبٍ يَنْتَحُونَهُ إِفْحَامًا وَتَبْكِيتًا فَإِنَّ كَرَامَةَ النُّبُوءَةِ إِمَّا تَفَضُّلٌ مِنَ اللَّهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ فَالْكُلُّ فِيهِ سَوَاءٌ وَإِمَّا إِفَاضَةُ حَقٍّ عَلَى الْمُسْتَعِدِّينَ لَهَا بِالْمُوَاظَبَةِ عَلَى الطَّاعَةِ فَكَمَا أَنَّ لَكُمْ أَعْمَالًا رُبَّمَا يَعْتَبِرُهَا اللَّهُ فِي إِعْطَائِهَا فَلَنَا أَيْضًا أَعْمَالٌ» .
وَتَقْدِيمُ الْمَجْرُورِ فِي لَنا أَعْمالُنا لِلِاخْتِصَاصِ أَيْ لَنَا أَعْمَالُنَا لَا أَعْمَالُكُمْ فَلَا تُحَاجُّونَا فِي أَنَّكُمْ أَفْضَلُ مِنَّا، وَعَطَفَ وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ احْتِرَاسٌ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ أَنْ يَكُونَ الْمُسْلِمُونَ مُشَارِكِينَ لِلْمُخَاطَبِينَ فِي أَعْمَالِهِمْ وَأَنَّ لَنَا أَعْمَالَنَا يُفِيدُ اخْتِصَاصَ الْمُتَكَلِّمِينَ بِمَا عَمِلُوا مَعَ الِاشْتِرَاكِ فِي أَعْمَالِ الْآخَرِينَ وَهُوَ نَظِيرُ عَطْفِ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلِيَ دِينِ عَلَى قَوْلِهِ: لَكُمْ دِينُكُمْ [الْكَافِرُونَ: 6] .
وَهَذَا كُلُّهُ مِنَ الْكَلَامِ الْمُصَنَّفِ مِثْلَ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ [سبأ: 24] .
وَجُمْلَةُ نَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ عَطْفٌ آخَرَ عَلَى جُمْلَةِ الْحَالِ وَهِيَ ارْتِقَاءٌ ثَالِثٌ لِإِظْهَارِ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ أَحَقُّ بِإِفَاضَةِ الْخَيْرِ فَإِنَّهُمْ وَإِنِ اشْتَرَكُوا مَعَ الْآخَرِينَ فِي الْمَرْبُوبِيَّةِ وَفِي الصَّلَاحِيَةِ لِصُدُورِ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ فَالْمُسْلِمُونَ قَدْ أَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ وَمُخَالِفُوهُمْ قَدْ خَلَطُوا عِبَادَةَ اللَّهِ بِعِبَادَةِ غَيره، أَي فَلَمَّا ذَا لَا نَكُونُ نَحْنُ أَقْرَبُ إِلَى رِضَى اللَّهِ مِنْكُمْ إِلَيْهِ؟.
وَالْجُمْلَةُ الِاسْمِيَّةُ مُفِيدَةُ الدَّوَامِ عَلَى الْإِخْلَاصِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ: وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ [الْبَقَرَة: 136] .

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 1  صفحه : 746
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست