responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 1  صفحه : 69
الرَّابِعُ:
أَنَّ جَمْعَ الْمُؤْمِنِينَ جَمِيعَ الْقُرْآنِ حِفْظًا كَانَ نَادِرًا بَلْ تَجِدُ الْبَعْضَ يَحْفَظُ بَعْضَ السُّورِ فَيَكُونُ الَّذِي حَفِظَ إِحْدَى السُّوَرِ الَّتِي ذُكِرَتْ فِيهَا قِصَّةٌ مُعَيَّنَةٌ عَالِمًا بِتِلْكَ الْقِصَّةِ.
كَعِلْمِ مَنْ حَفِظَ سُورَةً أُخْرَى ذُكِرَتْ فِيهَا تِلْكَ الْقِصَّةُ.

الْخَامِسُ:
أَنَّ تِلْكَ الْقِصَصَ تَخْتَلِفُ حِكَايَةُ الْقِصَّةِ الْوَاحِدَةِ مِنْهَا بِأَسَالِيبَ مُخْتَلِفَةٍ وَيَذْكُرُ فِي بَعْضِ حِكَايَةِ الْقِصَّةِ الْوَاحِدَةِ مَا لَمْ يَذْكُرْ فِي بَعْضِهَا الْآخَرِ وَذَلِكَ لِأَسْبَابٍ:
مِنْهَا تَجَنُّبُ التَّطْوِيلِ فِي الْحِكَايَةِ الْوَاحِدَةِ فَيُقْتَصَرُ عَلَى مَوْضِعِ الْعِبْرَةِ مِنْهَا فِي مَوْضِعٍ وَيُذْكَرُ آخَرُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ فَيَحْصُلُ مِنْ مُتَفَرِّقِ مَوَاضِعِهَا فِي الْقُرْآنِ كَمَالُ الْقِصَّةِ أَوْ كَمَالُ الْمَقْصُودِ مِنْهَا، وَفِي بَعْضِهَا مَا هُوَ شَرْحٌ لِبَعْضٍ.
وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ بَعْضُ الْقِصَّةِ الْمَذْكُورُ فِي مَوْضِعٍ مُنَاسِبًا لِلْحَالَةِ الْمَقْصُودَةِ مِنْ سَامِعِيهَا، وَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ تَجِدُ ذِكْرًا لِبَعْضِ الْقِصَّةِ فِي مَوْضِعٍ وَتَجِدُ ذِكْرًا لِبَعْضٍ آخَرَ مِنْهَا فِي مَوْضِعٍ آخَرَ لِأَنَّ فِيمَا يُذْكَرُ مِنْهَا مُنَاسَبَةٌ لِلسِّيَاقِ الَّذِي سِيقَتْ لَهُ، فَإِنَّهَا تَارَةً تُسَاقُ إِلَى الْمُشْرِكِينَ، وَتَارَةً إِلَى أَهْلِ الْكِتَابِ، وَتَارَةً تُسَاقُ إِلَى الْمُؤْمِنِينَ، وَتَارَةً إِلَى كِلَيْهِمَا، وَقَدْ تُسَاقُ لِلطَّائِفَةِ مِنْ هَؤُلَاءِ فِي حَالَةٍ خَاصَّةٍ، ثُمَّ تُسَاقُ إِلَيْهَا فِي حَالَةٍ أُخْرَى. وَبِذَلِكَ تَتَفَاوَتُ بِالْإِطْنَابِ وَالْإِيجَازِ عَلَى حَسَبِ الْمَقَامَاتِ، أَلَا تَرَى قِصَّةَ بَعْثِ مُوسَى كَيْفَ بُسِطَتْ فِي سُورَةِ طه وَسُورَةِ الشُّعَرَاءِ، وَكَيْفَ أُوجِزَتْ فِي آيَتَيْنِ فِي سُورَةِ الْفُرْقَانِ [35، 36] : وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وَجَعَلْنا مَعَهُ أَخاهُ هارُونَ وَزِيراً فَقُلْنَا اذْهَبا إِلَى الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا فَدَمَّرْناهُمْ تَدْمِيراً.
وَمِنْهَا أَنَّهُ قَدْ يَقْصِدُ تَارَةً التَّنْبِيهَ عَلَى خَطَأِ الْمُخَاطَبِينَ فِيمَا يَنْقُلُونَهُ مِنْ تِلْكَ الْقِصَّةِ، وَتَارَةً لَا يَقْصِدُ ذَلِكَ.
فَهَذِهِ تَحْقِيقَاتٌ سَمَحَتْ بِهَا الْقَرِيحَةُ، وَرُبَّمَا كَانَتْ بَعْضُ مَعَانِيهَا فِي كَلَامِ السَّابِقِينَ غَيْرَ صَرِيحَةٍ.

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 1  صفحه : 69
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست