responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 1  صفحه : 580
أَنَّ النَّاسَ لَا يَعْمِدُونَ إِلَى عَدِّ الْأَشْيَاءِ الْكَثِيرَةِ دَفْعًا لِلْمَلَلِ أَوْ لِأَجْلِ الشُّغْلِ سَوَاءٌ عَرَفُوا الْحِسَابَ أَمْ لَمْ يَعْرِفُوهُ لِأَنَّ الْمُرَادَ الْعَدُّ بِالْعَيْنِ وَاللِّسَانِ لَا الْعَدُّ بِجَمْعِ الْحِسَابَاتِ إِذْ لَيْسَ مَقْصُودًا هُنَا.
وَتَأْنِيثُ (مَعْدُودَةً) وَهُوَ صِفَةُ (أَيَّامًا) مُرَاعًى فِيهِ تَأْوِيلُ الْجَمْعِ بِالْجَمَاعَةِ وَهِيَ طَرِيقَةٌ عَرَبِيَّةٌ مَشْهُورَةٌ وَلِذَلِكَ كَثُرَ فِي صِفَةِ الْجَمْعِ إِذَا أَنَّثُوهَا أَنْ يَأْتُوا بِهَا بِصِيغَةِ الْإِفْرَادِ إِلَّا إِذَا أَرَادُوا تَأْوِيلَ الْجَمْعِ بِالْجَمَاعَاتِ، وَسَيَأْتِي ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ [الْبَقَرَة:
184] .
وَقَوْلُهُ: قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْداً جَوَابٌ لِكَلَامِهِمْ وَلِذَلِكَ فُصِلَ عَلَى طَرِيقَةِ الْمُحَاوَرَاتِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: قالُوا أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها [الْبَقَرَة: 30] وَالِاسْتِفْهَامُ غَيْرُ حَقِيقِيٍّ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بَعْدَهُ بَلى فَهُوَ اسْتِفْهَامٌ تَقْرِيرِيٌّ لِلْإِلْجَاءِ إِلَى الِاعْتِرَافِ بِأَصْدَقِ الْأَمريْنِ وَلَيْسَ إنكاري لِوُجُودِ الْمُعَادِلِ وَهُوَ أَمْ تَقُولُونَ لِأَنَّ الِاسْتِفْهَامَ الْإِنْكَارِيَّ لَا مُعَادِلَ لَهُ.
وَالْمُرَادُ بِالْعَهْدِ الْوَعْدُ الْمُؤَكَّدُ فَهُوَ اسْتِعَارَةٌ، لِأَنَّ أَصْلَ الْعَهْدِ هُوَ الْوَعْدُ الْمُؤَكَّدُ بِقَسَمٍ وَالْتِزَامٍ، وَوَعْدُ الَّذِي لَا يُخْلِفُ الْوَعْدَ كَالْعَهْدِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْعَهْدُ هُنَا حَقِيقَةً لِأَنَّهُ فِي مَقَامِ التَّقْرِيرِ دَالٌّ عَلَى انْتِفَاءِ ذَلِكَ.
وَذَكَرَ الِاتِّخَاذَ دُونَ أَعَاهَدْتُمْ أَوْ عَاهَدَكُمْ لِمَا فِي الِاتِّخَاذِ مِنْ تَوْكِيدِ الْعَهْدِ وَ «عِنْدَ» لِزِيَادَةِ التَّأْكِيدِ يَقُولُونَ اتَّخَذَ يَدًا عِنْدَ فُلَانٍ.
وَقَوْلُهُ: فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ الْفَاءُ فَصِيحَةٌ دَالَّةٌ عَلَى شَرْطٍ مُقَدَّرٍ وَجَزَائِهِ وَمَا بَعْدَ الْفَاءِ هُوَ عِلَّةُ الْجَزَاءِ وَالتَّقْدِيرُ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فَلَكُمُ الْعُذْرُ فِي قَوْلِكُمْ لِأَنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ عَهْدَهُ وَتَقَدَّمَ ذَلِكَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتا عَشْرَةَ عَيْناً [الْبَقَرَة: 60] . وَلِكَوْنِ مَا بَعْدَ فَاءِ الْفَصِيحَةِ دَلِيلَ شَرْطٍ وَجَزَائَهُ لَمْ يَلْزَمْ أَنْ يَكُونَ مَا بَعْدَهَا مُسَبَّبًا عَمَّا قَبْلَهَا وَلَا مُتَرَتِّبًا عَنْهُ حَتَّى يُشْكَلَ عَلَيْهِ عَدَمُ صِحَّةِ تَرَتُّبِ الْجَزَاءِ فِي الْآيَةِ عَلَى الشَّرْطِ الْمُقَدَّرِ لِأَنَّ (لن) للاستقبال.
و (أم) فِي قَوْلِهِ: أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ مُعَادَلَةُ هَمْزَةِ الِاسْتِفْهَامِ فَهِيَ مُتَّصِلَةٌ وَتَقَعُ بَعْدَهَا الْجُمْلَةُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الْحَاجِبِ فِي «الْإِيضَاحِ» وَهُوَ التَّحْقِيقُ كَمَا قَالَ عَبْدُ الْحَكِيمِ، فَمَا قَالَهُ صَاحِبُ «الْمِفْتَاحِ» مِنْ أَنَّ عَلَامَةَ أَمِ الْمُنْقَطِعَةِ كَوْنُ مَا بَعْدَهَا جُمْلَةَ أَمْرٍ أَغْلَبِيٍّ وَلَا مَعْنَى لِلِانْقِطَاعِ هُنَا لِأَنَّهُ يُفْسِدُ مَا أَفَادَهُ الِاسْتِفْهَامُ مِنَ الْإِلْجَاءِ وَالتَّقْرِيرِ.
وَقَوْلُهُ: بَلى إِبْطَالٌ لِقَوْلِهِمْ: لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُودَةً، وَكَلِمَاتُ الْجَوَابِ تَدْخُلُ عَلَى الْكَلَامِ السَّابِقِ لَا عَلَى مَا بَعْدَهَا فَمَعْنَى بَلَى بَلْ أَنْتُمْ تَمَسُّكُمُ النَّارُ مُدَّةً طَوِيلَةً.
وَقَوْلُهُ: مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً سَنَدٌ لِمَا تَضَمَّنَتْهُ (بَلَى) مِنْ إِبْطَالِ قَوْلِهِمْ، أَيْ مَا أَنْتُمْ إِلَّا مِمَّنْ كَسَبَ سَيِّئَةً إِلَخْ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 1  صفحه : 580
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست