responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 1  صفحه : 446
فَعَلَةٌ بِالتَّحْرِيكِ أَيَيَةٌ أَوْ أَوَيَةٌ عَلَى الْخِلَافِ فِي أَنَّهَا وَاوِيَّةٌ أَوْ يَائِيَّةٌ مُشْتَقَّةٌ مِنْ أَيٍّ الِاسْتِفْهَامِيَّةِ أَوْ مِنْ أَوَيَ [1] فَلَمَّا تَحَرَّكَ حَرْفَا الْعِلَّةِ فِيهَا قُلِبَ أَحَدُهُمَا وَقُلِبَ الْأَوَّلُ تَخْفِيفًا عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ لِأَنَّ قِيَاسَ اجْتِمَاعِ حَرْفَيْ عِلَّةٍ صَالِحَيْنِ لِلْإِعْلَالِ أَنْ يُعَلَّ ثَانِيهِمَا إِلَّا مَا قَلَّ مِنْ نَحْوِ آيَةٍ وَقَايَةٍ وَطَايَةٍ وَثَايَةٍ وَرَايَةٍ [2] .
فَالْمُرَادُ بِآيَاتِنَا هُنَا آيَاتُ الْقُرْآنِ أَيْ وَكَذَّبُوا بِالْقُرْآنِ أَي بِأَنَّهُ وَحْيٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ. وَالْبَاءُ فِي قَوْلِهِ: وَكَذَّبُوا بِآياتِنا بَاءٌ يَكْثُرُ دُخُولُهَا عَلَى مُتَعَلَّقِ مَادَّةِ التَّكْذِيبِ مَعَ أَنَّ التَّكْذِيبَ مُتَعَدٍّ بِنَفْسِهِ وَلَمْ أَقِفْ فِي كَلَامِ أَئِمَّةِ اللُّغَةِ عَلَى خَصَائِصِ لَحَاقِهَا بِهَذِهِ الْمَادَّةِ وَالصِّيغَةِ فَيَحْتَمِلُ أَنَّهَا لِتَأْكِيدِ اللُّصُوقِ لِلْمُبَالَغَةِ فِي التَّكْذِيبِ فَتَكُونُ كَالْبَاءِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ [الْمَائِدَة: 6] وَقَوْلِ النَّابِغَةِ:
لَكَ الْخَيْرُ أَنْ وَارَتْ بِكَ الْأَرْضُ وَاحِدًا وَيَحْتَمِلُ أَنَّ أَصْلَهَا لِلسَّبَبِيَّةِ وَأَنَّ الْأَصْلَ أَنْ يُقَالَ كَذَّبَ فَلَانًا بِخَبَرِهِ ثُمَّ كَثُرَ ذَلِكَ فَصَارَ كَذَّبَ بِهِ وَكَذَبَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ وَالْأَكْثَرُ أَنْ يُقَالَ كَذَّبَ فُلَانًا، وَكَذَبَ بِالْخَبَرِ الْفُلَانِيِّ، فَقَوْلُهُ:
بِآياتِنا يَتَنَازَعُهُ فِعْلَا كَفَرُوا وَكَذَّبُوا. وَقَوْلُهُ: هُمْ فِيها خالِدُونَ بَيَانٌ لِمَضْمُونِ قَوْلِهِ:
أَصْحابُ النَّارِ فَإِنَّ الصَّاحِبَ هُنَا بِمَعْنَى الْمُلَازِمِ وَلِذَلِكَ فُصِلَتْ جُمْلَةُ فِيها خالِدُونَ لِتَنَزُّلِهَا مِنَ الْأُولَى مَنْزِلَةَ الْبَيَانِ فَبَيْنَهُمَا كَمَال الِاتِّصَال.
[40]

[1] وزن آيَة يَقْتَضِي أَن يكون ألفها منقلبة عَن أصل أَو أَن يكون هُنَا لَك أصل مَحْذُوف وألفها زَائِدَة لِأَن حالتها الظَّاهِرَة لَا تساعد على وزن صرفي، ثمَّ قيل إِن أَصْلهَا مُشْتَقَّة من أَي الاستفهامية كَمَا اشتق الْكمّ من كم الخبرية واللو من كلمة لَو الَّتِي لِلتَّمَنِّي، وَقيل مُشْتَقَّة من أَوَى. وَالْحق أَن الْمُشْتَقّ مِنْهُ آيَة غير مَعْرُوف الأَصْل وَإِنَّمَا ذكرُوا هَذِه الِاحْتِمَالَات على وَجه التَّرَدُّد ثمَّ قَالَ سِيبَوَيْهٍ: وَزنهَا فعلة أيية، أَو أويه. وَقَالَ الْفراء وَزنهَا فعلة بِسُكُون الْعين أييه أَو أوية وَكَانَ الْقيَاس حِينَئِذٍ إدغام الْيَاء فِي الْيَاء أَو قلب الْوَاو يَاء وإدغامها، لكِنهمْ لما رَأَوْا الْحَذف أخف عدلوا عَن الْإِدْغَام لِأَن إدغام حرفي عِلّة لَا يَخْلُو من ثقل وَلِئَلَّا يشْتَبه بأية مؤنث أَي نَحْو بأية سنة. وَقَالَ الْكسَائي أَصله آيية بِوَزْن فاعلة فقلبت الْيَاء الأولى همزَة لوقوعها إِثْر ألف فَاعل ثمَّ حذفت الْهمزَة. وفيهَا مَذَاهِب أخر.
[2] الطاية: السَّطْح الَّذِي يُقَام عَلَيْهِ. والطاية من الْإِبِل: القطيع جمعه طايات وَهُوَ واوي. وَالثَّانيَِة حِجَارَة ترفع يَجْعَلهَا الرُّعَاة عَلامَة على مواقعهم فِي اللَّيْل إِذا رجعُوا.
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 1  صفحه : 446
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست