responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : لوامع الأنوار البهية نویسنده : السفاريني    جلد : 1  صفحه : 44
الْحَوَادِثُ لَيْسَتْ مُمْتَنِعَةً - فَإِنَّ الْمُمْتَنِعَ لَا يُوجَدُ - وَلَا وَاجِبَةَ الْوُجُودِ بِنَفْسِهَا - فَإِنَّ وَاجِبَ الْوُجُودِ بِنَفْسِهِ لَا يَقْبَلُ الْعَدَمَ - وَهَذِهِ كَانَتْ مَعْدُومَةً ثُمَّ وُجِدَتْ، فَعَدَمُهَا يَنْفِي وُجُودَهَا، وَوُجُودُهَا يَنْفِي امْتِنَاعَهَا. وَهَذَا دَلِيلٌ قَاطِعٌ وَاضِحٌ بَيِّنٌ عَلَى ثُبُوتِ الْمُمْكِنَاتِ. وَأَصْرَحُ مِنْ ذَلِكَ وَأَوْضَحُ أَنَّ نَفْسَ حُدُوثِ الْحَوَادِثِ دَلِيلٌ عَلَى إِثْبَاتِ الْمُحْدِثِ لَهَا، فَإِنَّ الْعِلْمَ بِأَنَّ الْحَادِثَ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ مُحْدِثٍ أَبْيَنُ مِنَ الْعِلْمِ بِأَنَّ الْمُمْكِنَ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ وَاجِبٍ، فَتَكُونُ هَذِهِ الطَّرِيقُ أَبْيَنَ وَأَقْصَرَ كَمَا فِي النَّظْمِ. وَأَمَّا الْمُقَدِّمَةُ الثَّانِيَةُ وَهِيَ أَنَّ الْحَادِثَ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ مُحْدِثٍ فَلِاسْتِحَالَةِ حُدُوثِهِ بِنَفْسِهِ، كَمَا قَالَ - تَعَالَى: {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ} [الطور: 35] ، يَقُولُ اللَّهُ - تَعَالَى: أُحْدِثُوا مِنْ غَيْرِ مُحْدِثٍ أَمْ هُمْ أَحْدَثُوا أَنْفُسَهُمْ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمُحْدَثَ لَا يُوجَدُ بِنَفْسِهِ، وَطَرِيقُ الْعِلْمِ بِذَلِكَ أَنْ يُقَالَ: الْمَوْجُودُ إِمَّا حَادِثٌ وَإِمَّا قَدِيمٌ، وَالْحَادِثُ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ قَدِيمٍ، فَيَلْزَمُ ثُبُوتُ الْقَدِيمِ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَذَلِكَ أَنَّ الْفَقْرَ وَالْحَاجَةَ لِكُلِّ حَادِثٍ وَمُمْكِنٍ وَصْفٌ لَازِمٌ لَهَا، فَهِيَ مُفْتَقِرَةٌ إِلَيْهِ دَائِمًا حَالَ الْحُدُوثِ وَحَالَ الْبَقَاءِ، وَمَنْ زَعَمَ مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ أَنَّ افْتِقَارَهَا إِلَيْهِ فِي حَالِ الْحُدُوثِ فَقَطْ، كَمَا يَقُولُهُ مَنْ يَقُولُهُ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ وَغَيْرِهِمْ، أَوْ فِي حَالِ الْبَقَاءِ فَقَطْ، كَمَا يَقُولُهُ مَنْ يَقُولُهُ مِنَ الْمُتَفَلْسِفَةِ الْقَائِلِينَ بِمُسَاوَاةِ الْعَالَمِ لَهُ، وَكِلَا الْقَوْلَيْنِ خَطَأٌ، كَمَا قَالَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ تَقِيُّ الدِّينِ أَبُو الْعَبَّاسِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ - رَوَّحَ اللَّهُ رُوحَهُ - فِي شَرْحِ عَقِيدَةِ شَمْسِ الدِّينِ الْأَصْبَهَانِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى، فَالْإِمْكَانُ وَالْحُدُوثُ مُتَلَازِمَانِ، فَكُلُّ مُحْدَثٍ مُمْكِنٌ، وَكُلُّ مُمْكِنٍ مُحْدَثٌ، وَالْفَقْرُ مُلَازِمٌ لَهُمَا، فَلَا تَزَالُ مُفْتَقِرَةً إِلَيْهِ، لَا تَسْتَغْنِي عَنْهُ لَحْظَةَ عَيْنٍ، وَهُوَ الصَّمَدُ الَّذِي يَصْمُدُ إِلَيْهِ جَمِيعُ الْمَخْلُوقَاتِ، وَلَا يَصْمُدُ هُوَ إِلَى شَيْءٍ، بَلْ هُوَ - سُبْحَانَهُ - الْمُغْنِي لِمَا سِوَاهُ. وَلِلْإِمَامِ ابْنِ تَيْمِيَّةَ:
الْفَقْرُ لِي وَصْفُ ذَاتٍ لَازِمٌ أَبَدًا ... كَمَا الْغِنَى أَبَدًا وَصْفٌ لَهُ ذَاتِي
" سُبْحَانَهُ " وَتَعَالَى، وَهُوَ اسْمٌ بِمَعْنَى التَّسْبِيحِ الَّذِي هُوَ التَّنْزِيهُ، وَانْتِصَابُهُ بِفِعْلٍ مَتْرُوكٍ إِظْهَارُهُ، وَلَا يَخْفَى حُسْنُ مَوْقِعِهِ هُنَا. أَيْ هُوَ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - مُنَزَّهٌ عَنْ أَنْ يَخْلُقَ الْخَلْقَ سُدًى، أَوْ يُشَارِكَهُ فِي إِحْدَاثِ شَيْءٍ مِنَ الْحَوَادِثِ شَرِيكٌ، بَلْ هُوَ الْخَالِقُ الْمُخْتَارُ بِلَا حَاجَةٍ وَلَا اضْطِرَارٍ بِقُدْرَةٍ قَاهِرَةٍ لِحِكْمَةٍ بَاهِرَةٍ، وَلِهَذَا قُلْنَا (فَهُوَ) - تَعَالَى - (الْحَكِيمُ) ، أَيِ الْمُتْقِنُ لِخَلْقِ الْأَشْيَاءِ بِحُسْنِ

نام کتاب : لوامع الأنوار البهية نویسنده : السفاريني    جلد : 1  صفحه : 44
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست