responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : لوامع الأنوار البهية نویسنده : السفاريني    جلد : 1  صفحه : 421
قَاطِبَةً عَلَى أَنَّ الْإِيمَانَ قَبْلَ نُزُولِ الْقُرْآنِ وَبَعْثَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هُوَ التَّصْدِيقُ لَا يَعْرِفُونَ فِي اللُّغَةِ إِيمَانًا غَيْرَ ذَلِكَ، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ - تَعَالَى -: {وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا} [يوسف: 17] أَيْ بِمُصَدِّقٍ لَنَا، فَوَجَبَ أَنَّ الْإِيمَانَ فِي الشَّرِيعَةِ هُوَ الْإِيمَانُ فِي اللُّغَةِ ; لِأَنَّ اللَّهَ مَا غَيَّرَ اللِّسَانَ وَلَا قَلَبَهُ. وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ نُوقِشَ فِيمَا قَالَهُ، قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ: وَهَذَا حَقِيقَةً قَوْلُ جَهْمٍ فِي مَسْأَلَةِ الْإِيمَانِ، وَقَدْ نَصَرَ أَبُو الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيُّ هَذَا الْقَوْلَ مَعَ أَنَّهُ نَصَرَ الْمَشْهُورَ عَنِ السَّلَفِ، مَعَ أَنَّهُ يَسْتَثْنِي فِي الْإِيمَانِ، وَكَذَلِكَ مَشَى عَلَى هَذَا أَكْثَرُ أَصْحَابِهِ، وَأَمَّا أَبُو الْعَبَّاسِ الْقَلَانِسِيُّ وَأَبُو عَلِيٍّ الثَّقَفِيُّ وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ مُجَاهِدٍ شَيْخُ الْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ الْبَاقِلَّانِيِّ صَاحِبُ أَبِي الْحَسَنِ، فَإِنَّهُمْ نَصَرُوا مَذْهَبَ السَّلَفِ.
وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدِ بْنِ كِلَابٍ نَفْسُهُ وَهُوَ مُتَأَخِّرٌ فِي زَمَنِ مِحْنَةِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَالْحُسَيْنُ بْنُ الْفَضْلِ الْبَجَلِيُّ وَنَحْوُهُمَا كَانُوا يَقُولُونَ هُوَ التَّصْدِيقُ وَالْقَوْلُ جَمِيعًا مُوَافَقَةً لِمَنْ قَالَهُ مِنْ فُقَهَاءِ الْكُوفِيِّينَ، كَحَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ وَمَنِ اتَّبَعَهُ، وَقَدْ أَنْكَرَ عَلَى ابْنِ كِلَابٍ وَمَنْ وَافَقَهُ عُلَمَاءُ السُّنَّةِ وَعُلَمَاءُ الْبِدْعَةِ جَمِيعًا وَبَدَّعُوهُ، فَكَيْفَ بِمَنْ قَالَ بِالتَّصْدِيقِ بِقَلْبِهِ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ بِلِسَانِهِ، فَإِنَّهُ لَا يَعْلَقُ بِهِ شَيْءٌ مِنْ أَحْكَامِ الْإِيمَانِ لَا فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآخِرَةِ، وَلَا يَدْخُلُ فِي خِطَابِ اللَّهِ لِعِبَادِهِ بِقَوْلِهِ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} [البقرة: 104] ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْإِيمَانَ عِنْدَ الْمُرْجِئَةِ التَّصْدِيقُ وَالْقَوْلُ، وَعِنْدَ الْجَهْمِيَّةِ مُجَرَّدُ التَّصْدِيقِ، وَعِنْدَ الْكَرَّامِيَّةِ أَنَّهُ مُجَرَّدُ قَوْلِ اللِّسَانِ فَقَطْ، وَهُمْ يَقُولُونَ: الْمُنَافِقُ مُؤْمِنٌ وَهُوَ مُخَلَّدٌ فِي النَّارِ ; لِأَنَّهُ آمَنَ ظَاهِرًا لَا بَاطِنًا، وَإِنَّمَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ آمَنَ بَاطِنًا وَظَاهِرًا، قَالُوا: وَالدَّلِيلُ عَلَى شُمُولِ الْإِيمَانِ لَهُ أَنَّهُ يَدْخُلُ فِي الْأَحْكَامِ الدُّنْيَوِيَّةِ الْمُعَلَّقَةِ بِاسْمِ الْإِيمَانِ.
وَهَذَا الْقَوْلُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَقْبَحِ الْبِدَعِ وَأَفْظَعِهَا وَلَمْ يَسْبِقْهُمْ إِلَيْهِ أَحَدٌ، فَقَوْلُ الْجَهْمِيَّةِ أَبْطَلُ مِنْهُ وَأَبْعَدُ مِنَ الِاسْتِدْلَالِ بِاللُّغَةِ، وَالْقُرْآنِ، وَالْعَقْلِ، وَالْكَرَّامِيَّةُ تُوَافِقُ الْمُرْجِئَةَ والْجَهْمِيَّةَ فِي أَنَّ إِيمَانَ النَّاسِ كُلِّهِمْ سَوَاءٌ وَلَا يَسْتَثْنُونَ فِي الْإِيمَانِ بَلْ يَقُولُونَ هُوَ مُؤْمِنٌ حَقًّا لِمَنْ أَظْهَرَ الْإِيمَانَ، وَإِذَا كَانَ مُنَافِقًا فَهُوَ مُخَلَّدٌ فِي النَّارِ عِنْدَهُمْ فَإِنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ آمَنَ بَاطِنًا وَظَاهِرًا، وَمَنْ حَكَى عَنْهُمْ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ الْمُنَافِقُ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ فَقَدْ كَذَبَ عَلَيْهِمْ، بَلْ يَقُولُونَ: الْمُنَافِقُ مُؤْمِنٌ ; لِأَنَّ الْإِيمَانَ هُوَ الْقَوْلُ الظَّاهِرُ عِنْدَهُمْ كَمَا يُسَمِّيهِ

نام کتاب : لوامع الأنوار البهية نویسنده : السفاريني    جلد : 1  صفحه : 421
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست