responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : لوامع الأنوار البهية نویسنده : السفاريني    جلد : 1  صفحه : 42
لَا يَفْتَقِرُ إِلَى سَبَبٍ أَصْلًا، وَهُوَ الْمُرَادُ، وَمِنْ ثَمَّ قُلْنَا " قَامَتْ " أَيْ وُجِدَتْ وَاسْتَمَرَّتْ " بِهِ " - سُبْحَانَهُ - وَتَعَالَى " الْأَشْيَاءُ " كُلُّهَا مِنَ الْجَوَاهِرِ وَالْأَعْرَاضِ الْعُلْوِيَّةِ وَالسُّفْلِيَّةِ، (وَ) قَامَ بِهِ (الْوُجُودُ) لِكُلِّ مَوْجُودٍ سِوَاهُ، فَهُوَ الَّذِي خَلَقَهُ وَسَوَّاهُ، وَأَحْدَثَهُ وَأَنْشَاهُ، فَوُجُودُ الْبَارِي صِفَةٌ لَهُ وَاجِبٌ قَدِيمٌ، وَوُجُودُ غَيْرِهِ جَائِزٌ مُحْدَثٌ بِإِحْدَاثِ الْخَالِقِ الْحَكِيمِ. وَعَطْفُهُ عَلَى الْأَشْيَاءِ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ لِلتَّنْصِيصِ عَلَيْهِ، رَدًّا عَلَى الْقَائِلِينَ بِكُلِّيَّةِ الْوُجُودِ وَوَحْدَتِهِ، وَأَنَّهُ قَدِيمٌ، وَأَنَّهُ مَوْجُودٌ فِي الْخَارِجِ، وَهَذَا ضَرْبٌ مِنَ الْهَذَيَانِ وَإِنْ جَلَّ نَاقِلُوهُ، فَإِنَّ الْقَائِلِينَ بِهِ هُمُ الْقَائِلُونَ بِالْوَحْدَةِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْقَوْلَ بِهَا ضَرْبٌ مِنَ الزَّنْدَقَةِ، فَإِنَّ مِنَ الْمَعْلُومِ بِصَرِيحِ الْعَقْلِ وَصَحِيحِ النَّقْلِ أَنَّ الْخَالِقَ الْمُبْدِعَ لَيْسَ هُوَ بِمَخْلُوقٍ، وَلَا جُزْءًا مِنْ أَجْزَائِهِ، وَلَا صِفَةً مِنْ صِفَاتِهِ، تَعَالَى وَتَقَدَّسَ عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا.
وَمَنْ يَقُولُ أَنَّ الْكُلِّيَّاتِ الطَّبِيعِيَّةَ ثَابِتَةٌ فِي الْخَارِجِ، فَإِنَّهُ يَقُولُ: إِنَّهَا جُزْءٌ مِنَ الْمُعَيَّنَاتِ أَوْ صِفَةٌ لَهَا، وَلِهَذَا يَقُولُونَ: الْمُطْلَقُ جُزْءٌ مِنَ الْمُعَيَّنِ، وَالْعَامُّ بَعْضُ الْخَاصِّ، فَيَلْزَمُ مَنْ زَعَمَ أَنَّ وُجُودَ الرَّبِّ - تَعَالَى - هُوَ الْكُلِّيُّ، أَنْ يَكُونَ الْخَالِقُ جُزْءًا مِنَ الْمَخْلُوقِ أَوْ صِفَةً لَهُ، وَهَذَا مِمَّا يُعْلَمُ بُطْلَانُهُ بِصَرِيحِ الْعَقْلِ وَصَحِيحِ النَّقْلِ. وَأَمَّا الْمُثُلُ الْأَفْلَاطُونِيَّةُ فَإِذَا قِيلَ: إِنَّ ثَمَّ وُجُودًا كُلِّيًّا مُطْلَقًا مُقَارِنًا لِجَمِيعِ الْمَوْجُودَاتِ، فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْإِنْسَانِيَّةِ الْمُطْلَقَةِ وَالْحَيَوَانِيَّةِ الْمُطْلَقَةِ، وَالْعَقْلُ الصَّرِيحُ يَقْطَعُ أَنَّ الْإِنْسَانِيَّةَ الْمُقَارِنَةَ لَا تَكُونُ خَالِقَةً لِكُلِّ إِنْسَانٍ، وَلَا الْحَيَوَانِيَّةُ خَالِقَةً لِكُلِّ حَيَوَانٍ، فَكَيْفَ يَكُونُ الْوُجُودُ الْمُجَرَّدُ خَالِقًا لِكُلِّ مَوْجُودٍ أَوْ قَدِيمًا غَيْرَ مَخْلُوقٍ؟ فَإِنَّ هَذِهِ الْكُلِّيَّاتِ لَوْ قُدِّرَ وُجُودُهَا وَأَنَّهَا جَوَاهِرُ عَقْلِيَّةٌ - مَعَ أَنَّ هَذَا بَاطِلٌ، وَلَا وُجُودَ لَهَا إِلَّا فِي الْأَذْهَانِ، وَهَؤُلَاءِ تَخَيَّلُوهَا فِي أَذْهَانِهِمْ، فَظَنُّوا وُجُودَهَا فِي الْخَارِجِ - فَعَلَى فَرْضِ تَسْلِيمِ ذَلِكَ، فَهِيَ جَوَاهِرُ بَسِيطَةٌ، لَا تُوصَفُ بِأَنَّهَا حَيَّةٌ، وَلَا عَالِمَةٌ، وَلَا قَادِرَةٌ، وَلَا مُتَكَلِّمَةٌ، فَتَعَالَى اللَّهُ عَنْ مَقَالَاتِ أَهْلِ الْوَحْدَةِ وَالْحُلُولِ وَالْفَلْسَفَةِ وَالزَّنْدَقَةِ عُلُوًّا كَبِيرًا. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا ذَرَّةَ وَلَا شَذْرَةَ مِنْ جَوْهَرٍ وَلَا عَرَضٍ، وَلَا مَلَكٍ وَلَا فَلَكٍ، وَلَا رُوحٍ وَلَا نَفْسٍ، وَلَا جِنٍّ وَلَا إِنْسٍ مِنْ جَمِيعِ الْعَالَمِ السُّفْلِيِّ وَالْعُلْوِيِّ، إِلَّا وَهُوَ مَخْلُوقٌ وَمَصْنُوعٌ لِلَّهِ - تَعَالَى - كَانَ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ، فَلَا يَسْتَحِقُّ الْوُجُودَ الْوَاجِبَ شَيْءٌ سِوَاهُ، وَلَا الْتِفَاتَ

نام کتاب : لوامع الأنوار البهية نویسنده : السفاريني    جلد : 1  صفحه : 42
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست