responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : لوامع الأنوار البهية نویسنده : السفاريني    جلد : 1  صفحه : 354
الْبَهِيمَةُ بَهِيمَةً جَمْعَاءَ هَلْ تُحِسُّونَ فِيهَا مِنْ جَدْعَاءَ حَتَّى تَكُونُوا أَنْتُمْ تَجْدَعُونَهَا» " ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - اقْرَءُوا {فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ - مُنِيبِينَ إِلَيْهِ} [الروم: 30 - 31] وَ " مُنِيبِينَ " نُصِبَ عَلَى الْحَالِ مِنَ الْمَفْعُولِ، أَيْ: فَطَرَهُمْ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ، وَالْإِنَابَةُ إِلَيْهِ تَتَضَمَّنُ الْإِقْبَالَ عَلَيْهِ بِمَحَبَّتِهِ وَحْدَهُ وَالْإِعْرَاضِ عَمَّا سِوَاهُ. وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ - بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ - عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " «إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أُعَلِّمَكُمْ مَا جَهِلْتُمْ مِمَّا عَلَّمَنِي فِي مَقَامِي هَذَا أَنَّهُ قَالَ: كُلُّ مَا نَحَلْتُهُ عَبْدًا فَهُوَ لَهُ حَلَالٌ، وَإِنِّي خَلَقْتُ عِبَادِي حُنَفَاءَ فَأَتَتْهُمُ الشَّيَاطِينُ فَاسْتَجَالَتْهُمْ عَنْ دِينِهِمْ، وَأَمَرَتْهُمْ أَنْ يُشْرِكُوا بِي مَا لَمْ أُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا، وَحَرَّمَتْ عَلَيْهِمْ مَا أَحْلَلْتُ لَهُمْ» " فَأَخْبَرَ سُبْحَانَهُ أَنَّهُ إِنَّمَا خَلَقَ عِبَادَهُ عَلَى الْحَنِيفِيَّةِ الْمُتَضَمِّنَةِ لِكَمَالِ حُبِّهِ، وَالْخُضُوعِ لَهُ، وَالذُّلِّ لَهُ، وَكَمَالِ طَاعَتِهِ وَحْدَهُ دُونَ غَيْرِهِ، وَهَذَا مِنَ الْحَقِّ الَّذِي خُلِقَتْ لَهُ، وَبِهِ قَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَا بَيْنَهُمَا، وَعَلَيْهِ قَامَ الْعِلْمُ، وَلِأَجْلِهِ خُلِقَتِ الْجَنَّةُ وَالنَّارُ، وَلِأَجْلِهِ أَرْسَلَ رُسُلَهُ، وَأَنْزَلَ كُتُبَهُ، وَلِأَجْلِهِ أَهْلَكَ الْقُرُونَ الَّتِي خَرَجَتْ عَنْهُ وَآثَرَتْ غَيْرَهُ، فَكَوْنُهُ سُبْحَانَهُ أَهْلًا أَنْ يُعْبَدَ وَيُحَبَّ وَيُثْنَى عَلَيْهِ أَمْرٌ ثَابِتٌ لَهُ لِذَاتِهِ، فَهُوَ سُبْحَانَهُ الْإِلَهُ الْحَقُّ الْمُبِينُ، وَالْإِلَهُ هُوَ الَّذِي يَسْتَحِقُّ أَنْ يُؤَلَّهَ مَحَبَّةً وَتَعْظِيمًا وَخَشْيَةً وَخُضُوعًا وَتَذَلُّلًا وَعِبَادَةً، فَهُوَ الْإِلَهُ الْحَقُّ وَلَوْ لَمْ يَخْلُقْ خَلْقَهُ، وَهُوَ الْإِلَهُ الْحَقُّ وَلَوْ لَمْ يَعْبُدُوهُ، فَهُوَ الْمَعْبُودُ حَقًّا، الْإِلَهُ حَقًّا، الْمَحْمُودُ حَقًّا، وَلَوْ قُدِّرَ أَنَّ خَلْقَهُ لَمْ يَعْبُدُوهُ وَلَمْ يَحْمَدُوهُ وَلَمْ يُؤَلِّهُوهُ؛ لَمْ يَسْتَحْدِثْ - تَعَالَى - بِخَلْقِهِ لَهُمْ وَلَا بِأَمْرِهِ إِيَّاهُمُ اسْتِحْقَاقَ الْإِلَهِيَّةِ وَالْحَمْدِ، بَلْ إِلَهِيَّتُهُ وَحَمْدُهُ وَمَجْدُهُ وَغِنَاهُ أَوْصَافٌ ذَاتِيَّةٌ لَهُ - سُبْحَانَهُ، يَسْتَحِيلُ مُفَارَقَتُهَا لَهُ كَحَيَاتِهِ وَوُجُودِهِ وَقُدْرَتِهِ وَعِلْمِهِ وَسَائِرِ صِفَاتِ كَمَالِهِ.
وَقَدْ جَاءَتِ الرُّسُلُ وَأُنْزِلَتِ الْكُتُبُ بِتَقْرِيرِ مَا اسْتَوْدَعَ - سُبْحَانَهُ - فِي الْفِطَرِ وَالْعُقُولِ مِنْ ذَلِكَ، وَتَكْمِيلِهِ وَتَفْصِيلِهِ وَزِيَادَتِهِ حُسْنًا إِلَى حُسْنِهِ، فَاتَّفَقَتْ شَرِيعَتُهُ وَفِطْرَتُهُ وَتَطَابَقَا وَتَوَافَقَا، فَعَبَدَهُ عِبَادُهُ وَأَحَبُّوهُ وَمَجَّدُوهُ بِدَاعِي الشَّرْعِ وَدَاعِي الْفِطْرَةِ وَالْعَقْلِ، فَاجْتَمَعَتْ لَهُمُ الدَّوَاعِي وَدَعَتْهُمْ إِلَى وَلِيِّهِمْ وَإِلَهِهِمْ وَفَاطِرِهِمْ، فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ بِقُلُوبٍ سَلِيمَةٍ لَمْ يُعَارِضْ خَبَرَهُ عِنْدَهَا شُبْهَةٌ

نام کتاب : لوامع الأنوار البهية نویسنده : السفاريني    جلد : 1  صفحه : 354
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست