responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : لوامع الأنوار البهية نویسنده : السفاريني    جلد : 1  صفحه : 292
وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ فِي " شَرْحِ الْأَصْفَهَانِيَّةِ ": فَسَّرُوا الْكَسْبَ بِمَا قَارَنَ الْقُدْرَةَ الْمُحْدَثَةَ فِي مَحَلِّهَا، وَمُجَرَّدُ الْمُقَارِنَةِ لَا يُمَيِّزُ الْقُدْرَةَ عَنْ غَيْرِهَا، فَإِنَّ الْفِعْلَ يُقَارِنُ الْعِلْمَ وَالْإِرَادَةَ، وَغَيْرَ ذَلِكَ.
قَالُوا: وَالْقُدْرَةُ هِيَ التَّمَكُّنُ مِنَ التَّصَرُّفِ. وَقِيلَ: سَلَامَةُ الْبِنْيَةِ. وَقَالَ الْقَاضِي الْإِمَامُ، مِنْ عُلَمَائِنَا: خَلَقَ الشَّيْءَ بِقَوْلِهِ " كُنْ " وَهُوَ قَائِمٌ بِاللَّهِ غَيْرُ بَائِنٍ مِنْهُ وَمُرَادِهِ. وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ - رَوَّحَ اللَّهُ رُوحَهُ - فِيمَا كَتَبَهُ عَلَى حُسْنِ إِرَادَةِ اللَّهِ - تَعَالَى -: الْكَسْبُ عِنْدَ الْقَائِلِ بِهِ عِبَارَةٌ عَنِ اقْتِرَانِ الْمَقْدُورِ بِالْقُدْرَةِ الْحَادِثَةِ، وَالْخَلْقُ هُوَ الْمَقْدُورُ بِالْقُدْرَةِ الْقَدِيمَةِ، وَقَالُوا أَيْضًا: الْكَسْبُ هُوَ الْفِعْلُ الْقَائِمُ بِمَحَلِّ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ، وَالْخَلْقُ هُوَ الْفِعْلُ الْخَارِجُ عَنْ مَحَلِّ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ. وَقَوْلُهُ: ((يَا لَاهِي)) تَكْمِلَةٌ لِلْبَيْتِ بِالْإِتْيَانِ بِالْقَافِيَّةِ، وَإِشَارَةٌ إِلَى الْحَثِّ عَلَى الْمُبَادَرَةِ إِلَى الدَّأْبِ فِي الطَّاعَةِ، وَعَدَمِ الْخُلُودِ إِلَى الرَّاحَةِ، وَقَلْبِ الْقَلْبِ عَنِ اللَّهْوِ وَاللَّعِبِ، يُقَالُ: لَهَا لَهْوًا؛ لَعِبَ كَالتَهَى، وَأَلْهَاهُ ذَلِكَ، وَالْمَلَاهِي آلَاتُهُ، قَالَ النَّسَفِيُّ فِي عَقَائِدِهِ كَغَيْرِهِ مِنْ عُلَمَاءِ السُّنَّةِ: وَلِلْعِبَادِ أَفْعَالٌ اخْتِيَارِيَّةٌ يُثَابُونَ بِهَا إِنْ كَانَتْ طَاعَةً، وَيُعَاقَبُونَ عَلَيْهَا إِنْ كَانَتْ مَعْصِيَةً، لَا كَمَا زَعَمَتِ الْجَبْرِيَّةُ أَنَّهُ لَا فِعْلَ لِلْعَبْدِ أَصْلًا، وَأَنَّ حَرَكَاتِهِ بِمَنْزِلَةِ حَرَكَاتِ الْجَمَادَاتِ لَا قُدْرَةَ عَلَيْهَا، وَلَا قَصْدَ وَلَا اخْتِيَارَ، وَهَذَا بَاطِلٌ لِأَنَّا نُفَرِّقُ بِالضَّرُورَةِ بَيْنَ حَرَكَةِ الْبَطْشِ، وَحَرَكَةِ الِارْتِعَاشِ، وَنَعْلَمُ أَنَّ الْأَوَّلَ بِاخْتِيَارِهِ دُونَ الثَّانِي ; وَلِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ لِلْعَبْدِ فِعْلٌ أَصْلًا لَمَا صَحَّ تَكْلِيفٌ، وَلَا يَتَرَتَّبُ اسْتِحْقَاقُ الثَّوَابِ وَالْعِقَابِ عَلَى أَفْعَالِهِ، وَلَا إِسْنَادُ الْأَفْعَالِ الَّتِي تَقْتَضِي سَابِقَةَ الْقَصْدِ وَالِاخْتِيَارِ إِلَيْهِ عَلَى سَبِيلِ الْحَقِيقَةِ، مِثْلُ: صَلَّى وَصَامَ وَكَتَبَ - بِخِلَافِ مِثْلِ طَالَ وَاسْوَدَّ لَوْنُهُ، وَالنُّصُوصُ الْقَطْعِيَّةُ تَنْفِي ذَلِكَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ - فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ} [الكهف: 17 - 29] إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ.
قَالَ الْمُحَقِّقُ السَّعْدُ التَّفْتَازَانِيُّ: فَإِنْ قِيلَ بَعْدَ تَعْمِيمِ عِلْمِ اللَّهِ - تَعَالَى - وَإِرَادَتِهِ: الْجَبْرُ لَازِمٌ قَطْعًا لِأَنَّهُمَا إِمَّا أَنْ يَتَعَلَّقَا بِوُجُودِ الْفِعْلِ فَيَجِبُ، أَوْ بِعَدَمِهِ فَيَمْتَنِعُ. قُلْنَا: يَعْلَمُ وَيُرِيدُ أَنَّ الْعَبْدَ يَفْعَلُهُ أَوْ يَتْرُكُهُ بِاخْتِيَارِهِ فَلَا إِشْكَالَ. فَإِنْ قِيلَ: فَيَكُونُ فِعْلُهُ الِاخْتِيَارِيُّ وَاجِبًا أَوْ مُمْتَنِعًا، وَهَذَا يُنَافِي الِاخْتِيَارَ. قُلْنَا: مَمْنُوعٌ فَإِنَّ الْوُجُوبَ بِالِاخْتِيَارِ مُحَقِّقٌ لِلِاخْتِيَارِ لَا مُنَافٍ، وَأَيْضًا مَنْقُوضٌ بِأَفْعَالِ الْبَارِي تَعَالَى، فَإِنْ قِيلَ: لَا مَعْنَى لِكَوْنِ الْعَبْدِ فَاعِلًا بِالِاخْتِيَارِ إِلَّا كَوْنُهُ مُوجِدًا

نام کتاب : لوامع الأنوار البهية نویسنده : السفاريني    جلد : 1  صفحه : 292
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست