responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : دراسات في الفن الصحفي نویسنده : إبراهيم إمام    جلد : 1  صفحه : 43
التقارب بين المستويات اللغوية:
وقد كانت مصر في أتعس أيامها وأحلك عصورها -في القرون السادس عشر والسابع عشر والثامن عشر- تعاني من الانفصام العقلي في المجتمع، حيث سادت لغة أدبية منمقة متكلفة كتقليد سخيف للطريقة الفاضلية في الكتابة، عقيمة مصطنعة لم يألفها الشعب، ومن ثم لم يتأثر أو ينفعل بها، وويل للمجتمع إذا كان أدبه لا يتفاعل مع أفراده؛ إذ تتسع الهوة بين لغة الأدب ولغة الحياة اتساعا مفزعا، فيمرض العقل، ويذوي الفكر، ويتدهور المجتمع، وتتنافر طبقاته.
وقد وجدنا أن كل عصر يتخذ فيه الأدب لغة رسمية مصطنعة يختص بها، في أسلوب من الصور البيانية والحيل البديعة المتراكمة، يصبح الأديب فيه كالكاهن إنسانا غامضا، وشخصية رهيبة مفزعة، وتلك أعراض المجتمع المريض،

التقليدية تحتم أن يدرس كل شيء باللاتينية، وكان يخصص أحد الطلبة لكي يتجسس على زملائه ويضبط من تسول له نفسه أن يتحدث بالإنجليزية بدلا من اللاتينية! أما الأكاديمية التي تعلم بها ديفو فقد ضربت بهذه التقاليد البالية عرض الحائط، ونظرت إلى الرطانة اللاتينية باستخفاف، واهتمت بدلا منها باللغات الحديثة والعلوم والمواد الاجتماعية.
ومن الطريف أن ديفو قد تعلم الاختزال في أكاديمته، أما المعامل والمتاحف والمضخات والأجهزة وغيرها، فقد كانت من أهم مستلزمات الدراسة في الأكاديميات لأن الطبيعة والفلك والكيمياء كانت علوما أساسية. وهكذا أتيح لديفو برنامج تعليمي حديث بعكس البرامج التعليمية الشكلية الجافة في المعاهد الأخرى وكانت هذه الدراسة خير تمهيد لتخريج مثل هذا الصحفي العبقري، والذي تفوق في فنون الأخبار، وابتكر فن التحقيق الصحفي واكتشف فن الحديث الخاص أو المقابلة الصحفية، وبرع في كتابة المقال الافتتاحي، وتفوق على معاصريه في فن المقال الاقتصادي والتجاري.

نام کتاب : دراسات في الفن الصحفي نویسنده : إبراهيم إمام    جلد : 1  صفحه : 43
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست