responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : جمع الجواهر في الملح والنوادر نویسنده : الحُصري القيرواني    جلد : 1  صفحه : 108
ثم دخل بعد ذلك على المتوكل. فقال له: كيف كنت بعدي؟ فقال: في أحوال مختلفة خيرها رؤيتك، وشرها غيبتك. فقال: قد والله اشتقتك. قال: إنما يشتاق العبد ربه؛ لأنه يعتذر عليه لقاء مولاه، وأما السيد فمتى أراد عبده دعاه. فقال له: من أسخى من رأيت؟ قال ابن أبي دواد. فقال له المتوكل: تأتي إلى رجل قد رفضته فتنسبه إلى السخاء. قال: إن الصدق يا أمير المؤمنين ليس في موضع أنفق منه في مجلسك، وإن الناس يغلطون فيمن ينسبونه إلى الجود؛ لأن البرامكة منسوب إلى الرشيد، وجود الحسن والفضل ابني سهل منسوب إلى المأمون، وجود ابن أبي دواد منسوب إلى المعتصم، وإذا نسبت الناس الفتح بن خاقان وعبيد الله بن يحيى إلى السخاء فذاك سخاؤك يا أمير المؤمنين. قال: صدقت! فمن أبخل من رأيت؟ قال: موسى بن عبد الملك. قال: وما رأيت من بخله؟ قال: رأيته يحرم القريب كما يحرم البعيد، ويعتذر من الإحسان كما يعتذر من الإساءة. قال: قد وقعت فيه عندي مرتين، وما أحب ذلك لك؛ فالقه واعتذر إليه، ولا يعلم أني وجهت بك. قال: يا أمير المؤمنين؛ تستكتمني بحضرة ألف. قال: لن تخاف. قال: علي الاحتراس من الخوف. وسار إلى موسى، فاعتذر كل واحد منهما إلى صاحبه وافترقا عن صلح، فلقيه بعد أيام بالجعفري فقال له: يا أبا عبد الله؛ قد اصطلحنا، فما لك لا تأتينا؟ قال: أتريد أن تقتلني كما قتلت نفساً بالأمس. قال موسى: ما أرانا إلا كما كنا.
وقال له المتوكل: إبراهيم بن نوح النصراني واجد عليك. فقال: ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم، وقال له: إن جماعة الكتاب يلومونك. فقال:
إذا رضيت عني كرام عشيرتي ... فلا زال غضباناً عليّ لئامها
ومن نوادره
ووقف به رجل من العامة فأحس به. فقال: من هذا؟ قال: رجل من بني آدم، قال: مرحباً بك، أطال الله بقاءك، وبقيت في الدنيا، ما أظن هذا النسل إلا قد انقطع.
وزحمه رجل على حمار بالجسر، فضرب بيده على أذن الحمار. وقال: يا إنسان، قل للحمار الذي فوقك يقول: الطريق! وسئل أبو العيناء عن مالك بن طوق فقال: لو كان في بني إسرائيل ونزل ذبح البقرة ما ذبح غيره. قيل: فأخوه عمر؟ قال: كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء، حتى إذا جاءه لم يجده شيئاً. قيل: فما تقول في محمد بن مكرم والعباس بن رستم؟ قال: هما الخمر والميسر إثمهما أكبر من نفعهما.
وقال له ابن مكرم: إن ابن الكلبي تعجبه الرائحة الخبيثة، قال: يا سيدي؛ لو وجدك لترشفك.
ودعا ضريراً يعشيه فلم يدع شيئاً إلا أكله. فقال له: يا هذا؛ دعوتك رحمة، فصيرتني رحمة.
وقدم إليه أبو عيسى بن المتوكل سكباجة، فجعل لا تقع يده إلا على عظم. فقال: جعلت فداك، هذه قدر أو قبر؟
قصيدة لابن طباطبا في دعوة
وهذا كلما ذكر ابن طباطبا العلوي وقد دعاه بعض إخوانه فتأخر عنه الطعام إلى أن اشتد به الجوع، ثم قدم إليه جدياً هزيلاً فقال:
يا دعوة مغبّرةً قاتمة ... كأنها من سفرة قادمه
قد قدّموا فيها مسيحيةً ... أضحت على إسلامها نادمه
وبعد شطرنجية لم تزل ... أيدٍ وأيدٍ حولها حائمه
فلم نزل في لعبها ساعةً ... ثم رفعناها على قائمه
وكرر الأرز، فقال:
أرزٌّ جاء يتبعه أرزّ ... هو الإيطاء يتّخذ اتخاذا
فإيطاء القريض كما علمنا ... وإيطاء الطعام يكون هذا
فدعا الرجل جماعةً من الشطرنجيين، وقال: تعالوا حتى تروا الشطرنجية، فكتب إليه:
ورقعةٍ كنّا رفعناها ... نشرتها لمّا طويناها
أعددت للعاب شطرنجها ... لو أمكن القمر قمرناها
والله لو أحضرتها زيريا ... ما ميّز الفرزان والشّاها
الإيطاء
والإيطاء تكرار القوافي بتكرار معانيها، كقول امرىء القيس:
عظيم طويل مطمئنٌّ كأنّه ... بأسفل ذي ماوان سرحة مرقب
وليس بإيطاء قول الأمير أبي الفضل عبيد الله الميكالي:
وكل غنىً يتيه به غنيٌّ ... فمرتجع بموتٍ أو زوال
وهب جدّي طوى لي الأرض طرّاً ... أليس الموت يزوي ما زوى لي
وقوله:
أخوك من إن كنت في ... بؤسى ونعمى عادلك

نام کتاب : جمع الجواهر في الملح والنوادر نویسنده : الحُصري القيرواني    جلد : 1  صفحه : 108
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست