responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المقامات الزينية نویسنده : ابن الصيقل الجزري    جلد : 1  صفحه : 90
أخبر القاسمُ بنُ جريال، قالَ: سكنتُ سَروجَ أحيانَ ممازجةِ الرِّحابِ، ومجالسةِ الأنجاب، ومُجانبةِ المِنجاب، ومشاهدة الشادنِ المُجاب، فباشرتُها مباشرةَ البَشيرِ، وعاشرتهَا معاشرةَ العشيرِ المَستشيرِ، وكنتُ يومئذٍ لَهِجاً بحبِّ المُدْلَجِيّات، مبتهجاً بامتطاء الأعوجياتِ، أشتريها ولا أماكسُ، وأبالغ في أثمانِها وأنافس، فتواصينا ذات يوم للسِّباقِ، على متونِ العِتاقِ، فخرَجنا مصحوبينَ بالسَّبَقِ، على عدد حروفِ النَّسَق، فنشِطْنا نشاطَ مَنْ شارفَ الشَّبقَ، وشرطنَا السبقَ لمَن سَبَقَ، ولمّا قُمنا بعدَ قِصَرِ الحِينِ، ورُمنَا المسابقةَ بينَ السَّراحينِ، أقبلَ ذو سابح نَحيفٍ، جانح من الوَصَبِ ضعيفٍ، يسحبُ أرساغهُ لكلالهِ، ويخضِبُ عُرقوبَهُ من صككِ هُزالهِ، يبينُ عاتقُ شِمالهِ، من تَحتِ عنقِ أسمالهِ، ويَلوحُ بياضُ ثغامتِهِ، من بَيْن أدوارِ عمامتهِ، فحينَ وَصَلَ إلينا، وبزغَ قمرُ قُربهِ علينَا، قالَ أسعدَ اللهُ العِصابةَ السَّروجيَّةَ، وجدَّدَ أيامَ إنعامَها اليلنجوجِيَّةَ، فقُلْنا لهُ: حُيِّيْتَ يا ذا اللسانِ الطليقِ، واللِّثام الوَثيقِ، ثم شرعَ معهُ بعضُ الجماعةِ، في نوع من الخَلاعةِ، وقالَ لهُ: هَلْ لكَ يا ذا الشارةِ، في أنْ تسابقَ على هذهِ الفارةِ، فقال له: أنَّى أسابقُ بما لو سابقَ الدَّبا لدَبا، أو أزدفرَ زبالَ الكَبا لكبا، شازباً لو انتُدِبَ لسباقَ الصَّبا لصَبا، أو أمِرَ بمصادمةِ الرُّبا لربَا، لكن أسابقُ على رَبوةِ يفاع، بصَهوةِ صافِن صِفاع، لو خامر عُبابَ القَفا لقفا، أو جاورَ كدرَ أصحاب الصفا لصَفَا، فَمَنْ شاءَ فليبرُزْ لابِسَ لامةٍ، ومَنْ شاء فلينصرِفْ عنِّي لا بسلامةٍ، قالَ: فلّما تألقَ قمرُ فَلَكِ فُكاهتِهِ، وتعلَّق بنانُ مُداعبتنا بأَهدابِ مُفاكهته، قلنا تالله لنُرْجيَنَّ السِّباقَ، ولنرخيُنَّ لهذا الشيخ الشباقَ، فإنَّ ساعات الدُعابة بعده تموتُ، وطيبَ أوقات المسابقة متجدِّدةٌ لا تفوتُ، فتجرّدوا عن السَّوابح، وإنْ كان في خلاعتهِ عينَ الرابح، فنزلَ كلٌّ عن صَاهلهِ، وجذبَ بجلابيبِ كاهلهِ، رغبةً في عذوبةِ تأهِلهِ، وودودِ حَلاوةِ مناهلهِ، فحينَ عاين ميلنا إليه، وعَلِمَ ما نجد من المَسرَّةِ لديهِ، ألقَى رداءهُ على منكبيهِ، ثم نكصَ على عَقبيهِ، فاَعتلَقَ كل بعنانه، ومنعناهُ عن استيفاءِ مَيدانه، وقلنا لهُ: قسماً بمَنْ سخَّرَ الإعصارَ، وخفف بأيد أيدي نصرهِ الآصار، لا نفارقُك ولو لغايةِ عامِنا، أو ترتعَ في رياض طعامنا، فلمَّا سمِعَ كلامنا، وحمِدَ إلمامَنا، قال إلينا واَنضَوى، بعدَ أنْ نوى ذلكَ الهوى وهوى، فجَعَلَ كلّ مِنَّا يَجْذبُهُ إليهِ، ويتوّكأ لاستخراج نُخَبهِ عليهِ، فحينَ شاهدَ قشوفَنَا لكَشفِ أهلّةِ هالاتهِ، وتأففنَا لقلّةِ قلّةِ مُبالاتهِ، وتأثفنا حولَ مَلة ملة عُزّى لَعبهِ وَلاتهِ، قال: إنْ شِئْتُم قعدتُ بالقرعة، وإن أحببتُمْ ربضتُ بازاءِ هذا القَرعةِ، وأَومأ إليَّ، وضحِكَ ضَحِكَ المفتضِح عليَّ، وقالَ: أأقعدُ بجنْبِ هذا المولى الفاخرِ، السيّد الأجَلِ الحُرِّ المفاخرِ، فَقُهقَتُ إلى أن فحصتُ بأخمصَي، وسقطَتْ مهابةُ تقمصي، وقلتُ لهم: أتدرونَ إذْ لطَّفَ المقالَ ماذا قالَ، فقالوا: ما الذي قالَ، ألهمَهُ اللهُ القِيلَ والقالَ، وقلّدَهُ النِّقالَ، وحمَّلَهُ السحابَ الثقال، وألبَسُهُ مِنَ المَنحَسَةِ إزاراً، وجعلَ عنفقتَهُ لقَلْبِ قلبِ أخي موسى مزاراً، فقلت: قالَ اقعدُ إلى جَنبِ هَذا العبدِ الفاجرِ، التيس الكلبِ الحيةِ المفاجرِ، فلصقوا به لصوقَ العَنونةِ باللِّصاقِ، وصافحوا بينَ يدِ وجههِ وأناملِ البُصاق، ثم التفتَ إليهِ مَنْ عَنْ يميني، ومَنْ في حَلْبةِ المُلَح يَليني، وقالَ لهُ: مِن أي الأمكنةِ الشَّيَيخُ، القَذِرُ الضُّحكَةُ الوُسَيْخُ، فقالَ لَهُ: أنا مِنْ بُقْعَةٍ تَرْقُصُ بِهَا غانياتُ نَتْفِ سِبالِكَ، على إيقاع كَفِّي وقَذَالِكَ، ويُحلقُ حِينَ تحجها شعر رأسِكَ، بحدِّ حسم موسى مَداسِكَ، فقالَ لَهُ الذي يليهِ: فما أنتَ عدَاكَ العِيُ، أيهَّا اللَّوذَرِعي، فقال طبيب يُضارعُ بقراطَ، ومن وطئ بقدم قُدرتهِ هذا البِساطَ، فمتى انحرف مِزاجُك، وتعذَّرَ عِلاجُك، أسقِكَ ما يمنع سلاسةَ مسعاكً، ويقطعُ جداولَ مِعَاكَ، فلا حرسَكَ ربّكَ ولا رعاكَ

نام کتاب : المقامات الزينية نویسنده : ابن الصيقل الجزري    جلد : 1  صفحه : 90
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست