responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المقامات الزينية نویسنده : ابن الصيقل الجزري    جلد : 1  صفحه : 57
قال: فبينما نحنُ ذاتَ يوم نفتحُ أبوابَ جِنانَ الجَذَلِ العِراض، ونسرحُ في سرابيلِ سلامةٍ سالمةٍ من الانقراض، إذ عَطَفَ بعض أصحابهِ، ساحباً جلابيبَ اصطحابهِ، وقالَ: يا ذوي القرائح المهنديّةِ، والمحامدِ المحمديّةِ، ما لكمُ ارتضيتمُ القطيعةَ لَجاجاً، واتخذتُمْ مباعدةَ نزيلَكُم منهاجاً، واعتضتُمْ بالوَشَلِ الأجاج، عن العذْبِ الثجَّاج، وبَنْزرِ الزَّجَاج، عَنِ العَرْفِ العَجَّاج، أو ما علمتمُ أنَّ غِثْيانَ الفُضَلاءِ يوَرِثُ الثوابَ، ومقاطعةَ العلماءِ تعْقُبُ العِقابَ، فإن أحْبَبْتُمْ رَفْوَ ما خرَقْتُم، وطَفْوَ ما أفرقْتُم، فأحدِجُوا له نياقَ القيام، وأطفئوا بهِ سَوْرةَ لَهَب هذا الهُيام، قال القاسمُ بنُ جريالٍ: فلمّا عجمتُ أثْلَ نَيْلِ لُبانتهِ، ورأيتُ نَثْلَ نَبلٍ إِبانتهِ، قلتُ لهُ: مَن المُشارُ إليه، والممتارُ من مِيَر هذهِ النباهةِ لديهِ، فقال شيخ ظاهرُ الثطَطِ، بارزُ القَطَطِ، مرتعشُ البَنانِ، منتعش الافتنانِ، تتدفَّقُ بحارُ الحِكَم من معانيهِ، ويتخلق بأخلاقِ المفاخرةِ مَنْ يُدانيهِ، لا يُحلُّ ما لَهُ بُطونَ الرواجب، ولا يُخلُّ مَدَى الأزمنةِ بظهورِ الحَسَنِ الواجبِ، ولم ندرِ بأيِّ المدَرِ دارُه، ولا مِنْ أيِّ الشَّجَرِ خُرفَتْ ثمارهُ ولم نَمكّنْهُ مِنَ الإرقالِ، مُذْ نزلَ عن ناقتهِ المرقَالِ، فحينَ تلقَّيتُ مطائبَ طَابهِ، واستسقيتُ سحائبَ مُستَطابهِ، أيقنْتُ أنَّها صفاتُ شيخِنا المِصْريِّ، ذي المِخْلَب الصائدِ، وناصبِ المصايدِ للعصائدِ، فقلتُ لهم: انهضُوا بنا نَسيرُ، فالرأيُ فيما بهِ يُشيرُ، وأنا في حَلْبتِكُم المؤمَّلُ، والناظرُ بَرْقَ مُزْنِ الإفادةِ المؤِّملُ، ثم إنَّنا استصحَبْنَا غُبَّر الكِيْس، وسِرنا على مِثالِ الإنكيس لنلتمسَ سَلْسالَ ذاكَ النفيس، مِنْ أنفاس ذلكَ الدَّريس، ولما قطعْنا مسافةَ السِّراطِ، وانتفعنَا بسَلِّ ذيّاكَ السُّراطِ، أَلفيتُ أبا نصرِ المِصْريَّ راميَ ذلكَ البِرْطيلِ، وقانصَ صُيودِ تلكَ الأباطيلِ، فبادَرِتُ إليه قبلَ رفاقي، لِما سبقَ مِنْ سَوابقِ اتّفاقي، فعادَ انكيسنا ألحيانا، وشْمِنَا سُحُبَ المَسرَّةِ حين حيَّانا فأحيانا، ثم طفِقَ يمطرُنا بَوْسمِى آياتهِ، ويُتحِفُنَا بوليِّ حُلْوِ حكاياتهِ، حتّى أنسانا شَظفَ العَيْش العنيفِ، وشَغَلنا عن تصنيفِ ثمار التصانيفِ، وحتى مُنِحَ لألفاظه الشافيةِ، بأولِ الوافية الكافيةِ، ثم ما برحٍ يرمي بسهام المسائلِ، ويَعُومُ ببن تيكَ المسائل، لإجابةِ القانع والسائلِ، إلى أن تخلّلَ خِلالَ لَفْظِ ذلكَ الربيع، ذِكْرُ الحَذْفِ منَ صناعة البديع، فقالَ بعضُ مَنْ حضرَ حضرته، وشكرَ مناظرتَهُ: أيها الجوادُ السابحُ، والعهادُ السائح، إنّ قصارىَ ما سمِعْنا، ونَفَحَ أفهامنا فهِمْنا، حَذْفُ ما نُقطَ بوجهِ عَروس البراعةِ الدَّعْجاءِ وعكسُهُ مِن حروفِ الهجاءِ، فهلْ تستطيع بأن تمنحَنا مِنْ فائضِ فضلِك المألوفِ، كلمة تَشتمِلُ على أقلَّ مِن عِدَّه هذهِ الحروفِ، لنجعلها واسطة تِقْصارِكَ معَ اقتصارِكَ وخاتمةَ اَعتصاركَ مَعَ اختصاركَ، فقالَ لَهُ: يا هَذا لَقَدْ شِمْتَ سحاباً غيرَ خُلّب، وهِمْتَ بيَهْمَاءِ صَدْرِ قَلْبٍ قلب، فليبادِرْ مَنْ شَاء باَقتراحهِ، لأجلوَ عليهِ ما يُغْني عَن اَجتلاءِ راحهِ، فإنْ رُمُتم ببِرّةِ النثرِ جذبتُها، وإنْ شِئتمُ بشَذاةِ قاضبِ القريض قضبتُها، قال: فَهَبَّ منهم فتىً أحاطَ عِلْماً بأدواءِ السقيم، وفاقَ الحسَنَ بعلاجهِ الحَسنِ المستقيم، وقالَ له: إنْ أحببت أن أنثَّ وصفَكَ نثاً، وأبثَّ ببنَ الملأ رصفَكَ بَثاً، فانظِمْ لا اَستسمنت غَثاً، جُمْعَ قولي: خُذْ فَظ كَزّ ضِغْثاً، ولستُ في فضلكَ من الممترينَ، ولم نَزَلْ بصَفْوهِ من المسترينَ، فاطفحْ ليستهلِكَ بكَ الحَقينَ، وَعندَ جُهَيْنةَ الخبرُ اليقينُ، قال الراوي: فحينَ نَضَبَ كلامُ بطاقتهِ وقضبَ قَرَن ما اَقترنَ بطاقتهِ، ضمّرَ خيول طاعتهِ، وتنَمَّرَ عندَ إهراعِ المعاني لإطاعتهِ، ثمَ جعل يُجيلُ حسامَ لسانهِ، لاستخراج نُخبِ حِسانهِ، ويُحَمْلِقُ بحركةِ إنسانهِ، لِجَلوةِ عرائس حُسّانهِ، ولما تَمَّمَ مرامهُ، وحرَّرَ ما رامَهُ، قال: دونكَم روضة الرَّاوِد، وروضةَ الواردِ، فاغتنموا ثُمر هذا الصّرام، واَستلموا حَجَر حِجْرِها

نام کتاب : المقامات الزينية نویسنده : ابن الصيقل الجزري    جلد : 1  صفحه : 57
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست