responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفن ومذاهبه في الشعر العربي نویسنده : شوقي ضيف    جلد : 1  صفحه : 342
صورًا من الألفاظ ليحدث بها شيئًا من الخلل والارتباك في موسيقاه. وهذه كل وسائله الجديدة، وهي وسائل قد تفصح عن ثقافة؛ ولكنها لا تفصح عن طرافة في التفكير الفني نفسه ولا عن تنويع في آفاقه وآماده، وحقًا إنه عنى بشيء من الوسائل القديمة، وسائل الاستعارة والمشاكلة والجناس والطباق؛ ولكنها كانت تأتي عنده نادرة فإن استعملها أضاف إليها هذا التعقيد الذي يحيلها عن أصباغها، كما رأينا في الفصل السابق؛ إذ عرضنا لاستخدامه الطباق والاستعارة، ورأينا كأن هذه الألوان القديمة تفارق أصباغها عند شعراء هذه العصور، ولذلك انحاز المتنبي عن هذه الوسائل التي تجمدت في تاريخ الفن إلى وسائله الثقافية الجديدة. وفي هذه الوسائل تستقر مهارته في صنع القصيدة العربية، وهي مهارة تدل على أن آماد الشعر الفسيحة أخذت تضيق منذ القرن الرابع؛ فلم يعدل الشعراء إلى تنويع في التفكير الوجداني؛ إنما عدلوا إلى هذا التصنع الثقافي يؤدون به إيماءة مذهبية أو شارة فلسفية أو شاذة موسيقية.

9- حكمٌ عامٌ عَلَى تصنُّعِ المتنبي وشعْرِهِ:
لعلنا نغلو إذا قلنا: إن المتنبي استطاع مع كل ما رأيناه عنده من ضروب تصنع مختلفة أن يحلق في أسمى أفق للشعر العربي، إذا كان لشعره -ولا يزال- حيوية وطلاوة وروعة تأخذ بالألباب على الرغم من هذا التصنع للإيماءات المذهبية والشواذ الموسيقية والشوارد النحوية؛ فقد كان لديه من المهارة الفنية ما يستطيع أن يخفي به سمات هذا التصنع وما ينطوي فيه من تكلف شديد؛ حتى ظن اليازجي في الفصل البديع الذي عقب به على ديوانه أن ما عند المتنبي من معجمات مستغلقة إنما يقتصر على القسم الأول من شعره الذي نظمه في الحداثة. وهذا وهم من اليازجي ومن لفَّ لفَّه فقد استمرت هذه المستغلقات في شعره حتى التنفسات الأخيرة من حياته، وغاية ما في الأمر أن مقدرة المتنبي على صوغ العبارة ونمو المقدرة على طول الزمن هو الذي يخفي على النقاد هذه الجوانب

نام کتاب : الفن ومذاهبه في الشعر العربي نویسنده : شوقي ضيف    جلد : 1  صفحه : 342
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست