responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفن ومذاهبه في الشعر العربي نویسنده : شوقي ضيف    جلد : 1  صفحه : 282
3- التَّصنُّع في ألوانِ التصنيعِ الحسيةِ:
سرت هذه الظاهرة من التصنع في جميع جوانب الفن حتى في ألوان التصنيع الحسية نفسها التي رأيناها عند جماعة المصنعين؛ فقد استخدمها الشعراء ولكن في هذا التعقيد الذي يعدُّ سمة القرن الرابع وما جاء بعده من قرون، ففقدت جمالها وتنوعها، ولم نعد نجد لها هذه الألوان والأصباغ الثرية التي كنا نراها عند أبي تمام، ولا هذه الأوضاع المنوعة التي مرت بنا عند ابن المعتز لصبغ التشبيه، تلك الأوضاع التي أحالها خياله إلى أشعة فضية غريبة.
وليس معنى ذلك أن الشعراء هجروا وسائل التصنيع التي رأيناها في القرن

لأنه يريد بالجد الحظ، وبالعم: الجماعة من الناس وبالخال المخيلة، وقد ألغز بذلك عن العم والجد والخال من النسب"[1].
وليس من شك في أن مثل هذه الألغاز لا تضيف طرافة إلى الشعر؛ إلا أن يقصد به إلى التعقيد وأن يتخذ هذا التعقيد إحدى غاياته. وكأني بالحضارة العربية ضلت طريقها الطبيعي في التعبير، فذهبت تستعين بألوان الطعام يوضع بعضها وراء بعض، أو بالملاعق تتعدد في أثناء تناول الطعام، أو بهذه الوسائل الملتوية في التعبير الفني، وكأنها تبحث عن طريق جديد تعبر به؛ غير أنها لم تقع إلا على هذه الضروب من التكلف والتصنع فتشبثت بها، وقد خيل إليها أنها تستطيع أن تطرف بها حياة الناس وأفكارهم، ومن المهم أن نعرف أن الناس كانوا يطلبون هذه الضروب من الشعراء لأن حياتهم هم أنفسهم تعقدت وأصبحوا لا يعجبون إلا بما يتمشى مع حياتهم. واستجاب لهم الشعراء؛ فكل يحاول بدوره أن يعقِّد الفن وأن يقع في هذا التعقيد على طرفة جديدة يطرفهم بها حتى ينال إعجابهم واستحسانهم.

[1] سر الفصاحة ص215.
نام کتاب : الفن ومذاهبه في الشعر العربي نویسنده : شوقي ضيف    جلد : 1  صفحه : 282
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست