responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : العقد الفريد نویسنده : ابن عبد ربه الأندلسي    جلد : 5  صفحه : 322
ثدييها؛ ثم أجلسها معه، فقالت: يا أمير المؤمنين، أيعدو علينا الزمان ويجفونا خوفا لك الأعوان، ويحردك «1» عنا البهتان وقد ربيتك في حجري، وأخذت برضاعك الأمان من عدوي ودهري؟ فقال لها: وما ذلك يا أم الرشيد؟ قال سهل: فآيسني من رأفته، بتركه كنيتها آخرا ما كان أطمعني من برّه بها أولا، قالت: ظئرك «2» يحيى وأبوك بعد أبيك، ولا أصفه بأكثر مما عرفه به أمير المؤمنين من نصيحته، وإشفاقه عليه، وتعرّضه للحتف في شأن موسى أخيه. قال لها: يا أمّ الرشيد، أمر سبق، وقضاء حمّ، وغضب من الله نفذ! قالت: يا أمير المؤمنين، يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أمّ الكتاب، قال: صدقت. فهذا مما لم يمحه الله! فقالت: الغيب محجوب عن النبيين، فكيف عنك يا أمير المؤمنين؟ قال سهل بن هارون: فأطرق الرشيد مليا، ثم قال:
وإذا المنيّة أنشبت أظفارها ... ألفيت كلّ تميمة لا تنفع
فقالت بغير روية: ما أنا ليحيى بتميمة يا أمير المؤمنين، وقد قال الأول:
وإذا افتقرت إلى الذخائر لم تجد ... ذخرا يكون كصالح الأعمال
هذا بعد قول الله عز وجل: وَالْكاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ
«3» . فأطرق هرون مليا، ثم قال: يا أمّ الرشيد، أقول،
إذا انصرفت نفسي عن الشيء لم تكد ... إليه بوجه آخر الدّهر تقبل
فقالت: يا أمير المؤمنين، وأقول:
ستقطع في الدّنيا إذا ما قطعتني ... يمينك، فانظر أيّ كف تبدّل
قال هارون: رضيت! قالت: فهبه لي يا أمير المؤمنين؛ فقد قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم:
من ترك شيئا لله لم يوجده الله لفقده. فأكب هارون مليا، ثم رفع رأسه يقول: لله

نام کتاب : العقد الفريد نویسنده : ابن عبد ربه الأندلسي    جلد : 5  صفحه : 322
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست