responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الرسائل السياسية نویسنده : الجاحظ    جلد : 1  صفحه : 507
مرة واحدة، فلا يزال بالشّمّ والاسترواح وحسن الاستدلال، وبالطبيعة المخصوص بها حتّى يأتي مبركه، على بعد ما بين عمان والبصرة.
فلذلك ضرب به قتيبة المثل.
والشّحّ على الوطن [والحنين إليه] ، والصّبابة به، مذكورة في القرآن، مخطوطة في [الصّحف بين] جميع الناس. غير أنّ التركيّ للعلل التي ذكرناها أشدّ حنينا وأكثر نزوعا.
وباب آخر، ممّا كان يدعوهم الى الرجوع قبل العزم الثابت، والعادة المنقوضة: وذلك أنّ التّرك قوم يشتدّ عليهم الحصر [والجثوم] ، وطول اللّبث والمكث، وقلّة التصرّف والتحرّك، وأصل بنيتهم إنّما وضع على الحركة، وليس للسكون فيها نصيب، وفي قوى أنفسهم فضل على قوى أبدانهم، وهم أصحاب توقّد وحرارة واشتعال وفطنة، كثيرة خواطرهم، سريع لحظهم، وكانوا يرون الكفاية معجزة، وطول المقام بلادة، والراحة عقلة، والقناعة من قصر الهمّة؛ وأنّ ترك الغزو يورث الذّلّة.
وقد قالت العرب في مثل ذلك: قال عبد الله بن وهب الراسبيّ: «حب الهوينا يكسب النّصب» . والعرب تقول: «من غلا دماغه في الصّيف غلت قدره في الشّتاء» . وقال أكثم بن صيفيّ: «ما أحبّ أنّي مكفيّ كلّ أمر الدنيا» . قيل: ولم؟ قال: «أخاف العجز» .
فهذه كانت علل التّرك في حبّ الرّجوع والحنين إلى الوطن.
ومن أعظم ما كان يدعوهم إلى الشّرود ويبعثهم على الرجوع، ويكرّه عندهم المقام، ما كانوا فيه من جهل قوّادهم بأقدارهم، وقلّة معرفتهم بأخطارهم، وإغفالهم موضع الرّد عليهم والانفتاع بهم، حتّى جعلوهم أسوة أجنادهم، ولم يقنعوا أن يكونوا في الحاشية والحشوة، وفي غمار العامّة ومن عرض العساكر، وأنفوا من ذلك لأنفسهم، وذكروا ما يجب لهم، ورأوا أنّ

نام کتاب : الرسائل السياسية نویسنده : الجاحظ    جلد : 1  صفحه : 507
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست