responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي نویسنده : ابن طرار، أبو الفرج    جلد : 1  صفحه : 59
الْخَضِرُ كَمَا قَالَ لِلأُولَى، فَقَالَتْ: بَلْ أَكُونُ مَعَكَ، فَلَمَّا كَانَ الْحَوْلُ دَعَاهَا فَقَالَ: إِنَّكَ ثَيِّبٌ قَدْ وَلَدْتِ قَبْلَ ابْنِي فَأَيْنَ وَلَدُكِ، فَقَالَتْ: هَلْ يَكُونُ الْوَلَدُ إِلَّا من بعل؟ وبعلي منشغل بِالْعِبَادَةِ وَلا حَاجَةَ لَهُ فِي النِّسَاءِ فَغَضِبَ الْمَلِكُ وَقَالَ: اطْلُبُوهُ، فهرب فَطَلَبه ثَلَاثَة فأصابته اثْنَانِ مِنْهُمْ فَطَلَبَ إِلَيْهِمَا أَنْ يُطْلِقَاهُ فَأَبَيَا، وَجَاءَ الثَّالِثُ فَقَالَ: لَا تَذْهَبَا بِهِ فَلَعَلَّهُ يَضْرِبُهُ وَهُوَ وَلَدُهُ فَأَطْلَقَاهُ، ثُمَّ جَاءَا إِلَى الْمَلِكِ فَأَخْبَرَهُ الاثْنَانِ أَنَّهُمَا أَخَذَاهُ وَأَنَّ الثَّالِثَ أَخَذَهُ مِنْهُمَا، فَحَبَسَ الثَّالِثَ، ثُمَّ فَكَّرَ الْمَلِكُ فَدَعَا الاثْنَيْنِ فَقَالَ: أَنْتُمَا خَوَّفْتُمَا ابْنِي حَتَّى هَرَبَ، فَذَهَبَ فَأَمَرَ بِهِمَا فَقُتِلا، وَدَعَا بِالْمَرْأَةِ فَقَالَ لَهَا: أَنْتِ هَرَّبْتِ ابْنِي وَأَفْشَيْتِ سِرَّهُ، وَلَوْ كَتَمْتِ عَلَيْهِ لأَقَامَ عِنْدِي، فَقَتَلَهَا وَأَطْلَقَ الْمَرْأَةَ الأُولَى وَالرَّجُلَ، فَذَهَبَتْ فَاتَّخَذَتْ عَرِيشًا عَلَى بَابِ الْمَدِينَةِ وَكَانَتْ تَحْتَطِبُ وَتَبِيعُهُ وَتَتَقَوَّتُ بِثَمَنِهِ، فَخَرَجَ رَجُلٌ مِنَ الْمَدِينَة فَقير الْحَال فَقَالَ: بِاسْمِ اللَّهِ، فَقَالَتِ الْمَرْأَةُ: وَأَنْتَ تَعْرِفُ اللَّهَ؟ قَالَ: أَنَا صَاحِبُ الْخَضِرِ، قَالَتْ: وَأَنَا امْرَأَةُ الْخَضِرِ، فَتَزَوَّجَهَا وَوَلَدَتْ لَهُ، وَكَانَتْ مَاشِطَةَ ابْنَةِ فِرْعَوْنَ، فَقَالَ أَسْبَاطٌ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهَا بَيْنَمَا هِيَ تُمَشِّطُ ابْنَةَ فِرْعَوْنَ سَقَطَ الْمُشْطُ مِنْ يَدِهَا، فَقَالَتْ: سُبْحَانَ رَبِّي، فَقَالَتِ ابْنَةُ فِرْعَوْنَ: أَبِي؟ قَالَتْ: لَا رَبِّي وَرَبُّ أَبِيكِ، قَالَتْ: أُخْبِرُ أَبِي؟ قَالَتْ: نَعَمْ، فَأَخْبَرَتْهُ، فَدَعَا بِهَا، وَقَالَ: ارْجِعِي، فَأَبَتْ فَدَعَا بِنُقْرَةٍ مِنْ نُحَاسٍ فَأَخَذَ بَعْضَ من وَلَدِهَا فَرَمَى بِهِ فِي النُّقْرَةِ وَهِيَ تَغْلِي، ثُمَّ قَالَ: تَرْجِعِينَ؟ قَالَتْ: لَا، فَأَخَذَ الْوَلَدَ الآخَرَ حَتَّى ألْقى الْأَوْلَاد أَجْمَعِينَ، ثُمَّ قَالَ لَهَا: تَرْجِعِينَ؟ قَالَتْ: لَا، فَأَمَرَ بِهَا، قَالَتْ: إِنَّ لِي حَاجَةً، فَقَالَ: وَمَا هِيَ؟ قَالَتْ: إِذَا أَلْقَيْتَنِي فِي النُّقْرَةِ تَأْمُرُ بِالنُّقْرَةِ أَنْ تُحْمَلَ ثمَّ تطفأ فِي بَيْتِي بِبَابِ الْمَدِينَةِ وَتُنَحِّيَ النُّقْرَةَ وَتَهْدِمَ الْبَيْتَ عَلَيْنَا حَتَّى تَكُونَ قُبُورَنَا، فَقَالَ: نَعَمْ إِنَّ لَكِ عَلَيْنَا حَقًّا، قَالَ: فَفَعَلَ بِهَا ذَلِكَ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَرَرْتُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي فَشَمَمْتُ رَائِحَةً طَيِّبَةً، فَقُلْتُ: يَا جِبْرِيلُ! مَا هَذَا؟ قَالَ: هَذَا رِيحُ مَاشِطَةِ ابْنَةِ فِرْعَوْنَ وَوَلَدِهَا "

التَّعْلِيق عَلَى الْخَبَر
قَالَ القَاضِي: فِي هذَيْن الْخَبَرَيْنِ عظة ومعتبر، وتنبيه لمن عقل ومُزْدَجر، وَفِيمَا اقْتضى فِيهَا مَا دَعَا ذَوي النَّهْي إِلَى الصدْق وَحفظ الْأَمَانَة، وحَذَّر من ركُوب الْغدر والخيانة، وَفِي خزن السِّر وحياطته، وصونه وحراسته مَا لَا يحِيل عَلَى الألباء وفور فضيلته، كَمَا لَا يذهب عَلَيْهِمْ مَا فِي إفشائه وإضاعته، من سُقُوط الْقدر، وقبيح الذّكر، وَمَا يُكسب صَاحبه من حَطَّه عَنْ منزلَة من يشرف ويعتمد عَلَيْهِ، ويؤتمن ويركن فِي جلائل الخطوب إِلَيْهِ، وَالنَّاس فِي هذَيْن الخلقين المتناقضين مُعافًى مُكْرم، ومبتلى مذمّم، وَقد قَالَ بَعْض من افتخر بالخلق الْكَرِيم مِنْهَا:
وأطعن الطعنة النجلاء عَنْ عِرْضٍ ... وأكتمُ السِّرَّ فِيهِ ضَرْبَةُ العنقِ
وَقَالَ بعض من خَالف هَذِه صفته، وسلك خلاف محجته:

نام کتاب : الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي نویسنده : ابن طرار، أبو الفرج    جلد : 1  صفحه : 59
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست