responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي نویسنده : ابن طرار، أبو الفرج    جلد : 1  صفحه : 205
هُنَالك من متقدِّمي الْحُكَمَاء، ثُمّ تقدَّمهم إِلَى أَن صَار فَردا فيهم، واشتهر فِي النّاس فضلُه، وعَظَّموه لِسَعَةِ علمه وَظُهُور حكمته، وَصَارَ مَقْصُودا للاستفادة مِنْهُ، فخطر ببال الملكة ذكره، فسألتْ عَنْهُ فأُخْبِرت بِمَا انْتهى إِلَيْهِ أمره، فَأمرت باستدعائه فَحَضَرَ، فَقَالَت لَهُ: قَدْ بَلَغني مَا أصبتُه من الْحِكْمَة، فَهَل لَك فِيمَا كُنْت سألتنيه؟ فَقَالَ: لَا حاجَة لي فِي ذَلِكَ، فَقَالَت: وَلِم، وَقَدْ كنتَ حَرِيصًا عَلَيْه؟ فَقَالَ: رغبتُ فِي هَذَا وَأَنا أرى أَنَّهُ أفضلُ مَا يبلغهُ الإِنْسَان فِي دُنْيَاهُ، فَلَمَّا نِلتُ مَا نلتُه من الْحِكْمَة، وعلمتُ مَا علمتُ من أفانين الْعلم، تبينتُ مَا بَيْنَ الْعلم والْمُلْك من الْفَضْل، فرغبتُ بعلمي عَنْ مُلْكِ الدُّنْيَا، فَقَالَت لَهُ: لهَذَا أمرتُك بِمَا أمرتُك بِهِ، ورأيتُ أنَّكَ إِن لَمْ تبلغ الْغَايَة فِي الْعلم لَمْ تَعُد إليَّ، وَإِن عَلَتْ طبقتُك فِيهِ رغبتَ بِنَفْسِك عَنْ أُمُور الدُّنْيَا، وعلمتَ أَن مَا ظفرتَ بِهِ أفضلُ مِمَّا كنتَ التمسته.
وصَرَفَتْه وَلَمْ تَزَلْ مُكْرِمةً لَهُ.

ودرسٌ من أفلاطون للحث عَلَى التعلّم
وَقَدْ حكى لي بعضُ المَفَلْسِفين بأنّ فَتى كَانَ يحضرُ مجلسَ أفلاطون ويحبُّه ويعظمه، ويُؤثر اسْتِمَاع كَلَامه، وَلا يقرأُ عَلَيْه شَيْئا، وَلا يتَعَلَّم مِنْهُ كَمَا يتَعَلَّم غَيره، وَأَن هَذَا الْفَتى قَالَ لأفلاطون يَوْمًا: قَدْ أحببتُ أَيهَا الحكيمُ أَن تحضرَ الْيَوْم منزلي وتأكل من طَعَامي، وتكرمني بالْمُشَاربة والمنادمة، فَأَجَابَهُ، فَلَمَّا صَار إِلَى منزله أكلا وأخذا فِي تنَاول - الشَّراب واستماع الملاهي، ثُمّ إِن أفلاطون بَصق فِي وَجهه - يَعْنِي الْفَتى - فارتاع لذَلِك، وقَالَ: مَا هَذَا أَيهَا الْحَكِيم؟ فَقَالَ: إنّه عُرِض لي هَذَا الَّذِي نفثته كَمَا يعرض لسَائِر النّاس فيلقونه فِي أَهْون الْأَمَاكِن وأخّسِّها، ورأيتُ مَنْزِلك وفرشك وآنيتَك، فَلم أر موضعا أخَسَّ من نَفسك، فنبذتُ هَذَا الْأَذَى فِيهِ، فَقَالَ: قَدْ وَعَظْتَ أَيهَا الحكيمُ فأبلغْتَ، ونصحتَ فأحسنتَ، وَأَنا مُنْذُ الْآن أسعى فِي تشريف نَفسِي بدراسة الْعِلم وَطلب الْحِكْمَة.
ثُمّ صَار من أشدِّ حاضري مجْلِس أفلاطون حِرصًا عَلَى اكْتِسَاب الْحِكْمَة، وَأَحْسَنهمْ للْعلم أخذا.

المجِلسُ السّابع وَالْعِشروُن
مَذَق فمُذِق لَهُ
حَدَّثَنَا أَبِي رَحِمَهُ اللَّهُ، ثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي السَّرِيِّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ، عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " بَيْنَا رجلٌ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ يَتَّجِرُ بِالْخَمْرِ فِي الْبَحْرِ إِذْ فَكَّرَ فِي نَفْسِهِ، فَقَالَ: إِنِّي آتِي قَوْمًا لَا مَعْرِفَةَ لَهُمْ بِجَيِّدِ الْخَمْرِ مِنْ رَدِيئِهِ، فَلَوْ أَنِّي مَزَجْتُ الْخَمْرَ أُضْعِفَ لِيَ فِي الثَّمَنِ، فَأَمْهَلَ حَتَّى اسْتَعْذَبُوا الْمَاءَ، فَعَمَدَ إِلَى أَوَانِيهِ فَنَصَّفَهَا مِنَ الْخَمْرِ ثُمَّ مَزَجَهُ بِالْمَاءِ حَتَّى مَلأَهَا، ثُمَّ أَتَى الْمَوْضِعَ فَبَاعَ بِضِعْفِ مَا كَانَ يَبِيعُ، فَلَمَّا انْصَرَفَ رَأَى فِي طَرِيقِهِ قِرْدَةً

نام کتاب : الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي نویسنده : ابن طرار، أبو الفرج    جلد : 1  صفحه : 205
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست