responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الإمتاع والمؤانسة نویسنده : أبو حيّان التوحيدي    جلد : 1  صفحه : 358
وينزّه عن الصفات فلم يطلق عليه حيوان، ولكن يقال: حيّ لأنّه أقرب الأسماء إلى المعنى المشار إليه، وبهذا التّقريب قيل أيضا لله: إنّه حيّ، وأنت إذا حدّدت الحيّ أو الحياة لم تقدر على أن تصف الله جلّ وعلا بشيء من ذلك ... وفي الجملة كلّ ما كان أدخل في البساطة كان أخرج من التّركيب، وكلّ ما كان أخرج من البساطة كان أدخل في التّركيب.
فأمّا المركّب الّذي ليس له من البسيط إلّا النّصيب النّزر، وإلّا طيف الخيال، فاسمه واضح والإشارة إليه سهلة، والعيان له مدرك، لأنّه محاط بحدوده في طوله وعرضه وعمقه.
وأمّا المركّب البسيط الّذي ليس له من التركيب إلّا النّصيب اليسير، فاسمه غامض، والإشارة إليه عسرة، والعيان عنه مكفوف، وهذا باب إذا حفظ فهم منه شيء كثير مما يقع فيه الغلط من الإنسان بفكره الرّديء، وينفع أيضا نفعا بيّنا في التّغالط العارض بين المتناظرين على جهة التّنافس والتّناصف.
قال أبو سليمان: من حرس هذا الثّغر أمن من جميع الأعداء، ومن أهمله كانت جنايته على نفسه بيده أعظم من جناية عدوّه الثائر من ثغره.
وأمّا قوله: على أيّ وجه يقال لله حيّ والملك حيّ والفرس حيّ؟ فقد دخل الجواب عنه في ضمن ما تشقّق القول به، وتحقّق المعنى عليه في حديث المركّب والبسيط، ونزيد هاهنا حرفا يكون رديفا لما تقدّم، فنقول: أمّا الإنسان فإنّه يقال له:
حيّ، بسبب الحسّ والحركة وما يتبعهما مّا هو كمال الحيّ، وكذلك الفرس وما أشبهه. وأمّا الملك فلمّا كان ما يستحقّه ببساطته معدوما عندنا، لم نقدر على شيء نصفه به إلّا ما نصف به أنفسنا بيننا، ولو كنّا في عالم الملك لعلّنا كنّا ندري بأيّ شيء ينبغي أن ينعت ويسمّى ويذكر ويحكى، فإنّ من كان منّا في بلاد الصّين فإنّه يسمّي الإنسان والفرس والحمار والبقر بها بتعالم أهلها بينهم، وإذا كان هذا معوزا على ما ترى في الملك، أعني تسميته الحيّ، ونعته بالحياة، فالله الذي لا سبيل للعقل أن يدركه أو يحيط به أو يجده وجدانا أولى وأحرى أن يمسك عنه عجزا واستخذاء، وتضاؤلا واستعفاء، إلا بما وقع الإذن به من جهة صاحب الدّين الّذي هو مالك أزمّة العقول ومرشدها إلى السّعادات، وواقفها عند الحدود، وزاجرها عن التّخطّي إلى ما لا يجوز. فعلى هذا قد وضح أنّ الصّمت في هذا المكان أعود على صاحبه من النّطق، لأنّ الصّمت عن المجهول أنفع من الجهل بالمعلوم، والتظاهر بالعجز في موضعه كالاستطالة بالقدرة في موضعها، وليس للخلق من هذا الواحد الأحد إلا الإنّية والهويّة، فأما كيف ولم وما هو فإنها طائر في الرّياح كما تسمع وترى.

نام کتاب : الإمتاع والمؤانسة نویسنده : أبو حيّان التوحيدي    جلد : 1  صفحه : 358
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست