responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون    جلد : 3  صفحه : 51
إليهم وكشفهم عنه ورجع فصلّى ركعتين عند المقام وحملوا على صاحب الراية فقتلوه عند باب بني شيبة وأخذوا الراية ثم قاتلهم وابن مطيع معه حتى قتل ويقال أصابته جراحة فمات منها بعد أيام. ويقال: إنه قال: لأصحابه يوم قتل: يا آل الزبير أوطبتم لي نفسا عن أنفسكم كأهل بيت من العرب اصطلمنا في الله؟ فلا يرعكم وقع السيوف فإن ألم الدواء في الجرح أشدّ من ألم وقعها، صونوا سيوفكم بما تصونون وجوهكم وغضوا أبصاركم عن البارقة وليشغل كل امرئ قرنه ولا تسألوا عني، ومن كان سائلا فإنّي في الرعيل الأوّل ثم حمل حتى بلغ الحجون فأصابته حجارة في وجه فأرغش [1] لها ودمي وجهه. ثم قاتل قتالا شديدا وقتل في جمادى الآخر سنة ثلاث وسبعين وحمل رأسه إلى الحجّاج فسجد، وكبّر أهل الشام وثار الحجّاج وطارق حتى وقفا عليه، وبعث الحجّاج برأسه ورأس عبد الله بن صفوان ورأس عمارة بن عمرو بن حزم إلى عبد الملك وصلب جثته منكّسة على ثنية الحجون اليمنى. وبعثت إليه أسماء في دفنه فأبى، وكتب إليه عبد الملك يلومه على ذلك فخلّى بينها وبينه ولما قتل عبد الله ركب أخوه عروة وسبق الحجّاج إلى عبد الملك فرحّب به وأجلسه على سريره، وجرى ذكر عبد الله فقال عروة: إنه كان! فقال عبد الملك: وما فعل؟ قال: قتل فخرّ ساجدا. ثم أخبره عروة أنّ الحجاج صلبه فاستوهب جثته لأمّه فقال: نعم، وكتب إلى الحجّاج ينكر عليه صلبه فبعث بجثته إلى أمّه وصلّى عليه عروة ودفنه وماتت أمّه بعده قريبا. ولما فرغ الحجّاج من ابن الزبير دخل إلى مكّة فبايعه أهلها لعبد الملك وأمر بكنس المسجد من الحجارة والدم وسار إلى المدينة وكانت من عمله فأقام بها شهرين وأساء إلى أهلها وقال: أنتم قتلة عثمان وختم أيدي جماعة من الصحابة بالرصاص استخفافا بهم كما يفعل بأهل الذمّة، منهم جابر بن عبد الله وأنس بن مالك وسهل بن سعد ثم عاد إلى مكة ونقلت عنه في ذم المدينة أقوال قبيحة أمره فيها إلى الله، وقيل إنّ ولاية الحجّاج المدينة وما دخل منها كانت سنة أربع وسبعين وإنّ عبد الملك عزل عنها طارقا واستعمله. ثم هدم الحجّاج بناء الكعبة الّذي بناه ابن الزبير وأخرج الحجر منه وأعاده إلى البناء الّذي أقرّه عليه النبيّ صلى الله عليه وسلم. ولم يصدّق ابن الزبير في الحديث الّذي رواه عن عائشة. فلمّا صحّ عنده بعد ذلك قال وددت أني تركته وما تحمل.

[1] وفي الكامل ج 4 ص 356: فأرعش.
نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون    جلد : 3  صفحه : 51
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست