responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون    جلد : 3  صفحه : 402
الخبيث، فأشرف عليها ورأى من حصانتها بالأسوار والخنادق ووعر الطرق، وما أعد من الآلات للحصار ومن كثرة المقاتلة ما استعظمه، ولما عاين الزنج عساكر الموفّق دهشوا. وقدّم ابنه العبّاس في السفن حتى ألصقها بالأسوار فرموه بالحجارة في المجانيق والمقاليع والأيدي، ورأوا من صبره وأصحابه ما لم يحتسبوه، ثم رجعوا وتبعهم مستأمنة من المقاتلة والملّاحين نزعوا إلى الموفّق، فقبلهم وأحسن إليهم، فتتابع المستأمنون في النهر فوكّل الخبيث بفوهة النهر من معهم، وتعبّى أهل السفن للحرب مع بهبود قائد الخبيث، فزحف إليه أبو العبّاس في السفن وهزمه، وقتل الكثير من أصحابه ورجع فاستأمن إليه بعض تلك السفن النهرية وكثير من المقاتلة فأمّنهم وأقام شهرا لم يقاتلهم. ثم عبّى عساكره منتصف شعبان في البرّ والبحر وكانوا نحوا من خمسين ألفا، وكان الزنج في نحو ثلاثمائة ألف مقاتل، فأشرف عليهم ونادى بالأمان إلا للخبيث، ورمى بالرقاع في السهام بالأمان، فجاء كثير منهم ولم يكن حرب. ثم رحل من مكانه ونزل قريبا من المختارة، ورتّب المنازل من إنشاء السفن، وشرع في اختطاط مدينة لنزله سمّاها الموفّقيّة. فأكمل بناءها وشيّد جامعها وكتب بحمل الأموال والميرة إليها وأغب الحرب شهرا فتتابعت الميرة إلى المدينة، ورحل إليها التجار بصنوف البضائع، واستجر فيها العمران ونفقت الأسواق وجلبت صنوف الأشياء.
ثم أمر الموفّق ابنه أبا العبّاس بقتال من كان من الزنج خارج المختارة فقاتلهم وأثخن فيهم، فاستأمن إليه كثير منهم فأمّنهم ووصلهم، وأقام الموفّق أياما يحاصر المحاربين ويصل المستأمنين، واعترض الزنج بعض الوفاد الجائية بالميرة، فأمر بترتيب السفن على مخارج الأنهار، ووكّل ابنه أبا العبّاس بحفظها، وجاءت طائفة من الزنج بعض الأيام إلى عسكر نصير يريدون الإيقاع به، فأوقع بهم وظفر ببعض القوّاد منهم، فقتل رشقا بالسهام، وتتابع المستأمنة فبلغوا إلى آخر رمضان خمسين ألفا. ثم بعث الخبيث عسكرا من الزنج مع عليّ بن أبان ليأتوا من وراء الموفّق إذا ناشبهم الحرب، ونمي إليه الخبر بذلك فبعث ابنه أبا العبّاس فأوقع بهم، وحملت الأسرى والرءوس في السفن النهرية ليراها الخبيث وأصحابه، وظنّوا أنّ ذلك تمويه فرميت الرءوس في المجانيق حتى عرفوها، فظهر منهم الجزع وتكرّرت الحرب في السفن بين أبي العبّاس وبين الزنج، وهو يظهر عليهم في جميعها حتى انقطعت الميرة عنهم، فاشتدّ الحصار عليهم وخرج كثير من وجوه أصحابه مستأمنين، مثل محمد بن الحرث

نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون    جلد : 3  صفحه : 402
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست