responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الكامل في التاريخ نویسنده : ابن الأثير، أبو الحسن    جلد : 3  صفحه : 401
يَعْنُونَ: عَصَيْتَ وَأَتَيْتَ.
وَقَدِمَ عَلَيْهِ قَوْمٌ مِنَ الْأَعْرَابِ فَقَالُوا: قَدِمْنَا لِلْقِتَالِ مَعَكَ، فَنَظَرَ فَإِذَا مَعَ كُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ سَيْفٌ كَأَنَّهُ شَفْرَةٌ، وَقَدْ خَرَجَ مِنْ غِمْدِهِ، فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الْأَعْرَابِ، لَا قَرَّبَكُمُ اللَّهُ! فَوَاللَّهِ إِنَّ سِلَاحَكُمْ لَرَثٌّ، وَإِنَّ حَدِيثَكُمْ لَغَثٌّ، وَإِنَّكُمْ لَقُتَّالٌ فِي الْجَدْبِ، أَعْدَاءٌ فِي الْخِصْبِ. فَتَفَرَّقُوا، وَلَمْ يَزَلِ الْقِتَالُ بَيْنَهُمْ دَائِمًا، فَغَلَتِ الْأَسْعَارُ عِنْدَ ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَأَصَابَ النَّاسَ مَجَاعَةٌ شَدِيدَةٌ حَتَّى ذَبَحَ فَرَسَهُ، وَقَسَّمَ لَحْمَهَا فِي أَصْحَابِهِ، وَبِيعَتِ الدَّجَاجَةُ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ، وَالْمُدُّ الذُّرَةُ بِعِشْرِينَ دِرْهَمًا، وَإِنَّ بُيُوتَ ابْنِ الزُّبَيْرِ لَمَمْلُوءَةٌ قَمْحًا وَشَعِيرًا وَذُرَةً وَتَمْرًا، وَكَانَ أَهْلُ الشَّامِ يَنْتَظِرُونَ فَنَاءَ مَا عِنْدَهُ، وَكَانَ يَحْفَظُ ذَلِكَ وَلَا يُنْفِقُ مِنْهُ إِلَّا مَا يُمْسِكُ الرَّمَقَ، وَيَقُولُ: أَنْفُسُ أَصْحَابِي قَوِيَّةٌ مَا لَمْ يَفْنَ.
فَلَمَّا كَانَ قُبَيْلَ مَقْتَلِهِ تَفَرَّقَ النَّاسُ عَنْهُ وَخَرَجُوا إِلَى الْحَجَّاجِ بِالْأَمَانِ، خَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ نَحْوُ عَشَرَةِ آلَافٍ، وَكَانَ مِمَّنْ فَارَقَهُ ابْنَاهُ حَمْزَةُ وَخُبَيْبٌ، أَخَذَا لِأَنْفُسِهِمَا أَمَانًا، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ لِابْنِهِ الزُّبَيْرِ: خُذْ لِنَفْسِكَ أَمَانًا كَمَا فَعَلَ أَخَوَاكَ، فَوَاللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّ بَقَاءَكُمْ. فَقَالَ: مَا كُنْتُ لِأَرْغَبَ بِنَفْسِي عَنْكَ. فَصَبَرَ مَعَهُ فَقُتِلَ.
وَلَمَّا تَفَرَّقَ أَصْحَابُهُ عَنْهُ خَطَبَ الْحَجَّاجُ النَّاسَ وَقَالَ: قَدْ تَرَوْنَ قِلَّةَ مَنْ مَعَ ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَمَا هُمْ عَلَيْهِ مِنَ الْجَهْدِ وَالضِّيقِ. فَفَرِحُوا وَاسْتَبْشَرُوا، فَتَقَدَّمُوا، فَمَلَئُوا مَا بَيْنَ الْحَجُونِ إِلَى الْأَبْوَاءِ. فَدَخَلَ عَلَى أُمِّهِ فَقَالَ: يَا أُمَّاهُ، قَدْ خَذَلَنِي النَّاسُ حَتَّى وَلَدَيَّ وَأَهْلِي، وَلَمْ يَبْقَ مَعِي إِلَّا الْيَسِيرُ، وَمَنْ لَيْسَ عِنْدَهُ أَكْثَرُ مِنْ صَبْرِ سَاعَةٍ، وَالْقَوْمُ يُعْطُونِي مَا أَرَدْتُ مِنَ الدُّنْيَا، فَمَا رَأْيُكِ؟ فَقَالَتْ: أَنْتَ أَعْلَمُ بِنَفْسِكَ، إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّكَ عَلَى حَقٍّ وَإِلَيْهِ تَدْعُو، فَامْضِ لَهُ، فَقَدْ قُتِلَ عَلَيْهِ أَصْحَابُكَ، وَلَا تُمَكِّنْ مِنْ رَقَبَتِكَ يَتَلَعَّبْ بِهَا غِلْمَانُ بَنِي أُمَيَّةَ، وَإِنْ كُنْتَ إِنَّمَا أَرَدْتَ الدُّنْيَا، فَبِئْسَ الْعَبْدُ أَنْتَ، أَهْلَكْتَ نَفْسَكَ وَمَنْ قُتِلَ مَعَكَ، وَإِنْ قُلْتَ: كُنْتُ عَلَى حَقٍّ، فَلَمَّا وَهَنَ أَصْحَابِي ضَعُفْتُ - فَهَذَا لَيْسَ فِعْلُ الْأَحْرَارِ وَلَا أَهْلِ الدِّينِ، كَمْ خُلُودُكَ فِي الدُّنْيَا! الْقَتْلُ أَحْسَنُ! فَقَالَ: يَا أُمَّاهُ، أَخَافُ إِنْ قَتَلَنِي أَهْلُ الشَّامِ أَنْ يُمَثِّلُوا بِي وَيَصْلُبُونِي. قَالَتْ: يَا بُنَيَّ، إِنَّ الشَّاةَ [إِذَا ذُبِحَتْ] لَا تَتَأَلَّمُ بِالسَّلْخِ، فَامْضِ عَلَى بَصِيرَتِكَ وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ.

نام کتاب : الكامل في التاريخ نویسنده : ابن الأثير، أبو الحسن    جلد : 3  صفحه : 401
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست