responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الكامل في التاريخ نویسنده : ابن الأثير، أبو الحسن    جلد : 1  صفحه : 489
الطَّعَامَ لِعَسْكَرِهِ، فَفَعَلُوا ذَلِكَ وَحَمَلُوهُ فِي الْجِفَانِ وَتَرَكُوهُ فِي الْعَسْكَرِ، فَكَانَ الرَّجُلُ يُقَاتِلُ فَإِذَا أَرَادَ الطَّعَامَ جَاءَ إِلَى تِلْكَ الْجِفَانِ فَأَكَلَ مِنْهَا. فَأَقَامَتِ الْحَرْبُ بَيْنَ الْأَسْوَدِ وَالْحَارِثِ أَيَّامًا لَمْ يَنْتَصِفْ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ. فَلَمَّا رَأَى الْحَارِثُ ذَلِكَ قَعَدَ فِي قَصْرِهِ وَدَعَا ابْنَتَهُ هِنْدًا وَأَمْرَهَا فَاتَّخَذَتْ طِيبًا كَثِيرًا فِي الْجِفَانِ وَطَيَّبَتْ بِهِ أَصْحَابَهُ، ثُمَّ نَادَى: يَا فِتْيَانَ غَسَّانَ مَنْ قَتَلَ مَلِكَ الْحِيرَةِ زَوَّجْتُهُ ابْنَتِي هِنْدًا. فَقَالَ لَبِيدُ بْنُ عَمْرٍو الْغَسَّانِيُّ لِأَبِيهِ: يَا أَبَتِ أَنَا قَاتِلُ مَلِكِ الْحِيرَةِ أَوْ مَقْتُولٌ دُونَهُ لَا مَحَالَةَ، وَلَسْتُ أَرْضَى فَرَسِي فَأَعْطِنِي فَرَسَكَ الزَّيْتِيَّةَ. فَأَعْطَاهُ فَرَسَهُ. فَلَمَّا زَحَفَ النَّاسُ وَاقْتَتَلُوا سَاعَةً، شَدَّ لَبِيدٌ عَلَى الْأَسْوَدِ فَضَرَبَهُ ضَرْبَةً فَأَلْقَاهُ عَنْ فَرَسِهِ، وَانْهَزَمَ أَصْحَابُهُ فِي كُلِّ وَجْهٍ، وَنَزَلَ فَاحْتَزَّ رَأْسَهُ وَأَقْبَلَ بِهِ إِلَى الْحَارِثِ، وَهُوَ عَلَى قَصْرِهِ يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ، فَأَلْقَى الرَّأْسَ بَيْنَ يَدَيْهِ. فَقَالَ لَهُ الْحَارِثُ: شَأْنَكَ بِابْنَةِ عَمِّكِ فَقَدْ زَوَّجْتُكَهَا. فَقَالَ: بَلْ أَنْصَرِفُ فَأُوَاسِي أَصْحَابِي بِنَفْسِي فَإِذَا انْصَرَفَ النَّاسُ انْصَرَفْتُ. فَرَجَعَ فَصَادَفَ أَخَاهُ الْأَسْوَدَ قَدْ رَجَعَ إِلَيْهِ النَّاسُ وَهُوَ يُقَاتِلُ وَقَدِ اشْتَدَّتْ نِكَايَتُهُ، فَتَقَدَّمَ لَبِيدٌ فَقَاتَلَ فَقُتِلَ، وَلَمْ يُقْتَلْ فِي هَذِهِ الْحَرْبِ بَعْدَ تِلْكَ الْهَزِيمَةِ غَيْرُهُ، وَانْهَزَمَتْ لَخْمٌ هَزِيمَةً ثَانِيَةً وَقُتِلُوا فِي كُلِّ وَجْهٍ، وَانْصَرَفَتْ غَسَّانُ بِأَحْسَنِ ظَفَرٍ.
وَذُكِرَ أَنَّ الْغُبَارَ فِي هَذَا الْيَوْمِ اشْتَدَّ وَكَثُرَ حَتَّى سَتَرَ الشَّمْسَ، وَحَتَّى ظَهَرَتِ الْكَوَاكِبُ الْمُتَبَاعِدَةُ عَنْ مَطَالِعِ الشَّمْسِ لِكَثْرَةِ الْعَسَاكِرِ، لِأَنَّ الْأَسْوَدَ سَارَ بِعَرَبِ الْعِرَاقِ أَجْمَعَ، وَسَارَ الْحَارِثُ بِعَرَبِ الشَّامِ أَجْمَعَ، وَهَذَا الْيَوْمُ مِنْ أَشْهَرِ أَيَّامِ الْعَرَبِ، وَقَدْ فَخَرَ بِهِ بَعْضُ شُعَرَاءِ غَسَّانَ فَقَالَ:
يَوْمَ وَادِي حَلِيمَةَ وَازْدَلَفْنَا ... بِالْعَنَاجِيجِ وَالرِّمَاحِ الظِّمَاءِ
إِذْ شَحَنَّا أَكُفَّنَا مِنْ رِقَاقٍ ... رَقَّ مِنْ وَقْعِهَا سَنَا السَّحْنَاءِ
وَأَتَتْ هِنْدٌ بِالْخَلُوقِ إِلَى مَنْ ... كَانَ ذَا نَجْدَةٍ وَفَضْلِ غَنَاءِ
وَنَصَبْنَا الْجِفَانَ فِي سَاحَةِ ... الْمَرْ جِ فَمِلْنَا إِلَى جِفَانٍ مِلَاءِ
وَقِيلَ فِي قَتْلِهِ غَيْرُ مَا تَقَدَّمَ، وَنَحْنُ نَذْكُرُهُ.
قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: وَكَانَ سَبَبَهُ أَنَّ الْحَارِثَ بْنَ أَبِي شِمْرٍ جَبَلَةَ بْنِ الْحَارِثِ الْأَعْرَجَ الْغَسَّانِيَّ خَطَبَ إِلَى الْمُنْذِرِ بْنِ الْمُنْذِرِ اللَّخْمِيِّ ابْنَتَهُ وَقَصَدَ انْقِطَاعَ الْحَرْبِ بَيْنَ لَخْمٍ

نام کتاب : الكامل في التاريخ نویسنده : ابن الأثير، أبو الحسن    جلد : 1  صفحه : 489
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست