responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية والنهاية - ط الفكر نویسنده : ابن كثير    جلد : 8  صفحه : 339
الْعَصَا، فَلَمَّا قَرَأَ كِتَابَهُ أَلْقَاهُ مِنْ يَدِهِ وَقَالَ: -
وَلَا أَلِينُ لِغَيْرِ الْحَقِّ أَسْأَلُهُ ... حَتَّى تلين لِضِرْسِ الْمَاضِغِ الْحَجَرُ
فَلَمَّا مَاتَ يَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ وَابْنُهُ مُعَاوِيَةُ بْنُ يَزِيدَ مِنْ بَعْدِهِ قَرِيبًا، اسْتَفْحَلَ أَمْرُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ جدا، وبويع له بالخلافة في جميع البلاد الإسلامية، وَبَايَعَ لَهُ الضَّحَّاكُ بْنُ قَيْسٍ بِدِمَشْقَ وَأَعْمَالِهَا، وَلَكِنْ عَارَضَهُ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ فِي ذَلِكَ وأخذ الشام ومصر مِنْ نُوَّابِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، ثُمَّ جَهَّزَ السَّرَايَا إلى العراق، ومات وتولى بعده عبد الملك بن مروان فقتل مصعب بن الزبير بالعراق وأخذها، ثم بعث إلى الحجاج فَحَاصَرَ ابْنَ الزُّبَيْرِ بِمَكَّةَ قَرِيبًا مِنْ سَبْعَةِ أَشْهُرٍ حَتَّى ظَفِرَ بِهِ فِي يَوْمِ الثُّلَاثَاءِ سابع عشر جُمَادَى الْأُولَى سَنَةَ ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ.
وَكَانَتْ وِلَايَةُ ابْنِ الزُّبَيْرِ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ، وَحَجَّ بالناس فيها كلها، وبنى الكعبة في أيام ولايته كما تقدم، وكساها الْحَرِيرَ، وَكَانَتْ كُسْوَتُهَا قَبْلَ ذَلِكَ الْأَنْطَاعَ وَالْمُسُوحَ، وَكَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ عَالِمًا عَابِدًا مَهِيبًا وَقُورًا كثير الصيام والصلاة، شديد الخشوع جيد السِّيَاسَةِ، قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ الْأَصْبَهَانِيُّ: حَدَّثَنَا أَبُو حَامِدِ بْنُ جَبَلَةَ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الثَّقَفِيُّ ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ قَيْسٍ.
قَالَ: كَانَ لِابْنِ الزُّبَيْرِ مِائَةُ غُلَامٍ يَتَكَلَّمُ كُلُّ غُلَامٍ مِنْهُمْ بِلُغَةٍ غَيْرِ لُغَةِ الْآخَرِ، وَكَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ يُكَلِّمُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِلُغَتِهِ، وَكُنْتَ إِذَا نَظَرْتَ إِلَيْهِ فِي أَمْرِ دُنْيَاهُ قلت: هذا رجل لم يرد الله والدار الآخرة طَرْفَةَ عَيْنٍ، وَإِذَا نَظَرْتَ إِلَيْهِ فِي أَمْرِ آخِرَتِهِ قُلْتَ: هَذَا رَجُلٌ لَمْ يُرِدِ الدُّنْيَا طَرْفَةَ عَيْنٍ. وَقَالَ الثَّوْرِيُّ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي الضُّحَى قَالَ: رَأَيْتُ عَلَى رَأْسِ ابْنِ الزُّبَيْرِ مِنَ الْمِسْكِ مَا لَوْ كَانَ لِي كَانَ رَأْسَ مَالٍ، وَكَانَ يُطَيِّبُ الْكَعْبَةَ حَتَّى كَانَ يُوجَدُ رِيحُهَا مِنْ مَسَافَةٍ بَعِيدَةٍ. وَقَالَ ابن المبارك عن معمر عن ابن طاووس عَنْ أَبِيهِ قَالَ: دَخَلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ عَلَى امْرَأَتِهِ بِنْتِ الْحَسَنِ فَرَأَى ثَلَاثَةَ مُثُلٍ- يَعْنِي أَفَرِشَةً- فَقَالَ: هَذَا لِي وَهَذَا لِابْنَةِ الْحَسَنِ، وَهَذَا لِلشَّيْطَانِ فَأَخْرَجُوهُ. وَقَالَ الثَّوْرِيُّ عَنْ عَبْدِ الله بْنِ أَبِي بَشِيرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسَاوِرٍ. قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يُعَاتِبُ ابْنَ الزُّبَيْرِ عَلَى الْبُخْلِ وَيَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَيْسَ بِالْمُؤْمِنِ مَنْ يَبِيتُ شَبْعَانَ وَجَارُهُ إِلَى جَنْبِهِ جَائِعٌ» . وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبَانٍ الْوَرَّاقُ ثَنَا يَعْقُوبُ عَنْ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي الْمُغِيرَةِ عَنِ ابْنِ أَبْزَى عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ. قَالَ قَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ حِينَ حُصِرَ: إِنَّ عِنْدِي نَجَائِبَ قَدْ أَعْدَدْتُهَا لك، فهل لك أن تتحول إِلَى مَكَّةَ فَيَأْتِيكَ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَأْتِيَكَ؟ قَالَ: لَا! إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: «يلحد كَبْشٌ مِنْ قُرَيْشٍ اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ، عَلَيْهِ مِثْلُ أَوْزَارِ النَّاسِ» . وَهَذَا الْحَدِيثُ مُنْكَرٌ جِدًّا وَفِي إِسْنَادِهِ ضَعْفٌ، وَيَعْقُوبُ هَذَا هُوَ الْقُمِّيُّ وفيه تشيع، وَمِثْلُ هَذَا لَا يُقْبَلُ تَفَرُّدُهُ بِهِ، وَبِتَقْدِيرِ صحته فليس هو بعبد الله ابن الزُّبَيْرِ، فَإِنَّهُ كَانَ عَلَى صِفَاتٍ حَمِيدَةٍ، وَقِيَامُهُ فِي الْإِمَارَةِ إِنَّمَا كَانَ للَّه عَزَّ وَجَلَّ، ثم هو كان الامام

نام کتاب : البداية والنهاية - ط الفكر نویسنده : ابن كثير    جلد : 8  صفحه : 339
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست