responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية والنهاية - ط الفكر نویسنده : ابن كثير    جلد : 12  صفحه : 98
بالفصوص الملونة، وأرضه كلها بالفصوص، ليس فيها بلاط، بحيث إنه لم يَكُنْ فِي الدُّنْيَا بِنَاءٌ أَحْسَنُ مِنْهُ، لَا قصور الملوك ولا غيرها، ثُمَّ لَمَّا وَقَعَ هَذَا الْحَرِيقُ فِيهِ تَبَدَّلَ الْحَالُ الْكَامِلُ بِضِدِّهِ، وَصَارَتْ أَرْضُهُ طِينًا فِي زَمَنِ الشِّتَاءِ، وَغُبَارًا فِي زَمَنِ الصَّيْفِ، مَحْفُورَةً مهجورة، ولم يزل كذلك حَتَّى بُلِّطَ فِي زَمَنِ الْعَادِلِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَيُّوبَ، بَعْدَ السِّتِّمِائَةِ سَنَةٍ مِنَ الْهِجْرَةِ، وَكَانَ جَمِيعُ مَا سَقَطَ مِنْهُ مِنَ الرُّخَامِ والفصوص والأخشاب وغيرها، مودعا في المشاهد الأربعة، حتى فرغها من ذلك كمال الدين الشهرزوري، في زمن الْعَادِلِ نُورِ الدِّينِ مَحْمُودِ بْنِ زَنْكِي، حِينَ وَلَّاهُ نَظَرَهُ مَعَ الْقَضَاءِ وَنَظَرَ الْأَوْقَافِ كُلِّهَا، وَنَظَرَ دَارِ الضَّرْبِ وَغَيْرَ ذَلِكَ، وَلَمْ تَزَلِ الْمُلُوكُ تُجَدِّدُ فِي مَحَاسِنِهِ إِلَى زَمَانِنَا هَذَا، فتقارب حاله في زمن تنكيز نائب الشام، وقد تقدم أن ابن الجوزي أرخ ما ذكرنا فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ، وَتَبِعَهُ ابْنُ السَّاعِي أيضا في هذه السنة، وكذلك شيخنا الذهبي مؤرخ الإسلام، وَغَيْرُ وَاحِدٍ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَفِيهَا نَقَمَتِ الْحَنَابِلَةُ عَلَى الشَّيْخِ أَبِي الْوَفَا بْنِ عَقِيلٍ، وَهُوَ مِنْ كُبَرَائِهِمْ، بِتَرَدُّدِهِ إِلَى أَبِي عَلِيِّ بْنِ الوليد المتكلم المعتزلي، واتهموه بالاعتزال، وإنما كان يتردد إليه ليحيط علما بمذهبه، ولكن شرقه الهوى فشرق شرقة كادت روحه تخرج معها، وَصَارَتْ فِيهِ نَزْعَةٌ مِنْهُ، وَجَرَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ فِتْنَةٌ طَوِيلَةٌ وَتَأَذَّى بِسَبَبِهَا جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ، وَمَا سكنت الفتنة بينهم إِلَى سَنَةِ خَمْسٍ وَسِتِّينَ، ثُمَّ اصْطَلَحُوا فِيمَا بينهم، بعد اختصام كبير.
وَفِيهَا زَادَتْ دِجْلَةُ عَلَى إِحْدَى وَعِشْرِينَ ذِرَاعًا حتى دخل الماء مشهد أبى حنيفة. وَفِيهَا وَرَدَ الْخَبَرُ بِأَنَّ الْأَفْشِينَ دَخَلَ بِلَادَ الروم حتى انتهى إلى غورية، فَقَتَلَ خَلْقًا وَغَنِمَ أَمْوَالًا كَثِيرَةً. وَفِيهَا كَانَ رُخْصٌ عَظِيمٌ فِي الْكُوفَةِ حَتَّى بِيعَ السَّمَكُ كل أربعين رطلا بحبة. وفيها حج بالناس أبو الغنائم العلويّ
وممن توفى فيها من الأعيان.
الفورانى صاحب الابانة
أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ فُورَانَ الْفُورَانِيُّ، الْمَرْوَزِيُّ، أَحَدُ أَئِمَّةِ الشافعية، ومصنف الْإِبَانَةِ الَّتِي فِيهَا مِنَ النُّقُولِ الْغَرِيبَةِ، وَالْأَقْوَالِ والأوجه التي لا نوجد إِلَّا فِيهَا، كَانَ بَصِيرًا بِالْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ، أَخَذَ الفقه عن الْقَفَّالِ، وَحَضَرَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ عِنْدَهُ وَهُوَ صَغِيرٌ، فَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَيْهِ، فَصَارَ فِي نَفْسِهِ مِنْهُ، فهو يخطئه كثيرا في النهاية. قال ابْنُ خَلِّكَانَ: فَمَتَى قَالَ فِي النِّهَايَةِ: وَقَالَ بَعْضُ الْمُصَنِّفِينَ كَذَا وَغَلِطَ فِي ذَلِكَ وَشَرَعَ فِي الْوُقُوعِ فِيهِ فَمُرَادُهُ أَبُو الْقَاسِمِ الْفُورَانِيُّ. توفى الفورانى في رمضان منها بِمَرْوٍ، عَنْ ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ سَنَةً، وَقَدْ كَتَبَ تِلْمِيذُهُ أَبُو سَعْدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ المأمون المعرى المدرس بالنظاميّة بعد أَبِي إِسْحَاقَ وَقَبْلَ ابْنِ الصَّبَّاغِ، وَبَعْدَهُ أَيْضًا، كِتَابًا عَلَى الْإِبَانَةِ، فَسَمَّاهُ تَتِمَّةَ الْإِبَانَةِ، انْتَهَى فِيهِ إِلَى كِتَابِ الْحُدُودِ وَمَاتَ قَبْلَ إِتْمَامِهِ، فتممه أسعد العجليّ وغيره، لم يلحقوا شأوه ولا حاموا حوله، وسموه تتمة التتمة.

نام کتاب : البداية والنهاية - ط الفكر نویسنده : ابن كثير    جلد : 12  صفحه : 98
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست