responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية والنهاية - ط الفكر نویسنده : ابن كثير    جلد : 12  صفحه : 345
وَمِائَةَ أَلْفِ دِينَارٍ، وَصَلِيبَ الصَّلَبُوتِ إِنْ كَانَ بَاقِيًا، فَأَرْسَلَ فَأَحْضَرَ الْمَالَ وَالصَّلِيبَ، وَلَمْ يَتَهَيَّأْ لَهُ مِنَ الْأُسَارَى إِلَّا سِتُّمِائَةِ أَسِيرٍ، فَطَلَبَ الْفِرِنْجُ مِنْهُ أَنْ يُرِيَهُمُ الصَّلِيبَ مِنْ بَعِيدٍ، فلما رفع سَجَدُوا لَهُ وَأَلْقَوْا أَنْفُسَهُمْ إِلَى الْأَرْضِ، وَبَعَثُوا يَطْلُبُونَ مِنْهُ مَا أَحْضَرَهُ مِنَ الْمَالِ وَالْأُسَارَى، فامتنع إلا أن يرسلوا إليه الأسارى أو يبعثوا له برهائن على ذلك، فقالوا: لا ولكن أرسل لنا ذلك وارض بأمانتنا، فعرف أنهم يريدون الغدر والمكر، فلم يرسل إليهم شيئا من ذلك، وأمر برد الأسارى إلى أهليهم بدمشق، ورد الصليب إِلَى دِمَشْقَ مُهَانًا، وَأَبْرَزَتِ الْفِرِنْجُ خِيَامَهُمْ إِلَى ظَاهِرِ الْبَلَدِ وَأَحْضَرُوا ثَلَاثَةَ آلَافٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَأَوْقَفُوهُمْ بَعْدَ الْعَصْرِ وَحَمَلُوا عَلَيْهِمْ حَمْلَةَ رَجُلٍ واحد فقتلوهم عن آخرهم في صعيد واحد، رحمهم الله وأكرم مثواهم، وَلَمْ يَسْتَبْقُوا بِأَيْدِيهِمْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ إِلَّا أَمِيرًا أو صبيا، أَوْ مَنْ يَرَوْنَهُ فِي عَمَلِهِمْ قَوِيًّا أَوِ امرأة. وجرى الّذي كَانَ، وَقُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ. وَكَانَ مدة إقامة صلاح الدين عَلَى عَكَّا صَابِرًا مُصَابِرًا مُرَابِطًا سَبْعَةً وَثَلَاثِينَ شَهْرًا، وَجُمْلَةُ مَنْ قُتِلَ مِنَ الْفِرِنْجِ خَمْسِينَ ألفا.
فصل فيما حدث بَعْدَ أَخْذِ الْفِرِنْجِ عَكَّا
سَارُوا بَرُمَّتِهِمْ قَاصِدِينَ عَسْقَلَانَ، وَالسُّلْطَانُ بِجَيْشِهِ يُسَايِرُهُمْ وَيُعَارِضُهُمْ مَنْزِلَةً مَنْزِلَةً، وَالْمُسْلِمُونَ يَتَخَطَّفُونَهُمْ وَيَسْلُبُونَهُمْ فِي كُلِّ مَكَانٍ، وَكُلُّ أَسِيرٍ أُتِيَ بِهِ إِلَى السُّلْطَانِ يَأْمُرُ بِقَتْلِهِ في مكانه، وجرت خطوب بين الجيشين، ووقعات متعددات، ثم طلب ملك الانكليز أَنْ يَجْتَمِعَ بِالْمَلِكِ الْعَادِلِ أَخِي السُّلْطَانِ يَطْلُبُ منه الصلح والأمان، على أن يعاد لأهلها بلاد السواحل، فَقَالَ لَهُ الْعَادِلُ: إِنَّ دُونَ ذَلِكَ قَتْلُ كُلِّ فَارِسٍ مِنْكُمْ وَرَاجِلٍ، فَغَضِبَ اللَّعِينُ وَنَهَضَ من عنده غضبان، ثُمَّ اجْتَمَعَتِ الْفِرِنْجُ عَلَى حَرْبِ السُّلْطَانِ عِنْدَ غَابَةِ أَرْسُوفَ، فَكَانَتِ النُّصْرَةُ لِلْمُسْلِمِينَ، فَقُتِلَ مِنَ الْفِرِنْجِ عِنْدَ غَابَةِ أَرْسُوفَ أُلُوفٌ بَعْدَ أُلُوفٍ، وَقُتِلَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ خَلْقٌ كَثِيرٌ أَيْضًا، وَقَدْ كَانَ الْجَيْشُ فَرَّ عَنِ السُّلْطَانِ فِي أَوَّلِ الوقعة، وَلَمْ يَبْقَ مَعَهُ سِوَى سَبْعَةَ عَشَرَ مُقَاتِلًا، وهو ثابت صابر، والكئوسات لَا تَفْتُرُ، وَالْأَعْلَامُ مَنْشُورَةٌ، ثُمَّ تَرَاجَعَ النَّاسُ فكانت النصرة للمسلمين، ثُمَّ تَقَدَمَّ السُّلْطَانُ بِعَسَاكِرِهِ فَنَزَلَ ظَاهِرَ عَسْقَلَانَ، فأشار ذو والرأى عَلَى السُّلْطَانِ بِتَخْرِيبِ عَسْقَلَانَ خَشْيَةَ أَنْ يَتَمَلَّكَهَا الكفار، ويجعلونها وسيلة إلى أخذ بيت المقدس، أَوْ يَجْرِي عِنْدَهَا مِنَ الْحَرْبِ وَالْقِتَالِ نَظِيرُ مَا كَانَ عِنْدَ عَكَّا، أَوْ أَشَدُّ، فَبَاتَ السلطان ليلته مفكرا في ذلك، فلما أَصْبَحَ وَقَدْ أَوْقَعَ اللَّهُ فِي قَلْبِهِ أَنَّ خَرَابَهَا هُوَ الْمَصْلَحَةُ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لِمَنْ حَضَرَهُ، وَقَالَ لَهُمْ وَاللَّهِ لَمَوْتُ جَمِيعِ أَوْلَادِي أَهْوَنُ عَلَيَّ مِنْ تَخْرِيبِ حَجَرٍ وَاحِدٍ مِنْهَا،

نام کتاب : البداية والنهاية - ط الفكر نویسنده : ابن كثير    جلد : 12  صفحه : 345
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست