responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية والنهاية - ط الفكر نویسنده : ابن كثير    جلد : 12  صفحه : 306
الْمُلْكَ مِنْ بَعْدِهِ لِوَلَدِهِ عِزِّ الدِّينِ سَنْجَرَ شَاهْ، فَلَمْ يُوَافِقْهُ الْأُمَرَاءُ خَوْفًا مِنْ صَلَاحِ الدِّينِ لِصِغَرِ سِنِّهِ، فَاتَّفَقُوا كُلُّهُمْ عَلَى أَخِيهِ فأجلس مكانه في المملكة، وكان يقال له عِزُّ الدِّينِ مَسْعُودٌ، وَجُعِلَ مُجَاهِدُ الدِّينِ قَايْمَازُ نَائِبَهُ وَمُدَبِّرَ مَمْلَكَتِهِ. وَجَاءَتْ رُسُلُ الْخَلِيفَةِ يَلْتَمِسُونَ مِنْ صَلَاحِ الدِّينِ أَنْ يُبْقِيَ سَرُوجَ وَالرُّهَا وَالرَّقَّةَ، وَحَرَّانَ وَالْخَابُورَ وَنَصِيبِينَ فِي يَدِهِ كَمَا كَانَتْ فِي يَدِ أَخِيهِ، فَامْتَنَعَ السُّلْطَانُ مِنْ ذَلِكَ، وَقَالَ: هَذِهِ الْبِلَادُ هِيَ حِفْظُ ثُغُورِ المسلمين، وإنما تَرَكْتُهَا فِي يَدِهِ لِيُسَاعِدَنَا عَلَى غَزْوِ الْفِرِنْجِ، فلم يَفْعَلُ ذَلِكَ، وَكَتَبَ إِلَى الْخَلِيفَةِ يُعَرِّفُهُ أَنَّ المصلحة في ترك ذلك عونا للمسلمين.
وفاة السلطان توران شاه
فيها توفى السلطان الملك المعظم شمس الدولة توران شاه بن أيوب، أخى الملك صلاح الدين، وهو الَّذِي افْتَتَحَ بِلَادَ الْيَمَنِ عَنْ أَمْرِ أَخِيهِ، فَمَكَثَ فِيهَا حِينًا وَاقْتَنَى مِنْهَا أَمْوَالًا جَزِيلَةً، ثم استناب فيها وأقبل إلى الشام شوقا إلى أخيه، وقد كتب إليه في أثناء الطريق شعرا عمله له بعض الشعراء، يقال له ابن المنجم، وكانوا قد وصلوا إلى سما: -
هل لأخى بل مالكي علم بالذي ... إِلَيْهِ وَإِنْ طَالَ التَّرَدُّدُ رَاجِعُ
وَإِنِّي بِيَوْمٍ واحد من لقائه ... على وإن عظم الموت بايع
ولم يبق إلا دون عشرين ليلة ... ويحيى اللقا أبصارنا والمسامع
إلى مَلِكٍ تَعْنُو الْمُلُوكُ إِذَا بَدَا ... وَتَخْشَعُ إِعْظَامًا لَهُ وَهْوَ خَاشِعُ
كَتَبْتُ وَأَشْوَاقِي إِلَيْكَ بِبَعْضِهَا ... تَعَلَّمَتِ النَّوْحَ الْحَمَامُ السَّوَاجِعُ
وَمَا الْمُلْكُ إِلَّا رَاحَةً أَنْتَ زَنْدُهَا ... تَضُمُّ عَلَى الدَّنْيَا وَنَحْنُ الأصابع
وكان قدومه على أخيه سنة إحدى وسبعين وخمسمائة، فشهد معه مواقف مشهودة مَحْمُودَةً، وَاسْتَنَابَهُ عَلَى دِمَشْقَ مُدَّةً، ثُمَّ سَارَ إِلَى مِصْرَ فَاسْتَنَابَهُ عَلَى الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ فَلَمْ تُوَافِقْهُ، وكانت تعتريه القوالنج فمات فِي هَذِهِ السَّنَةِ، وَدُفِنَ بِقَصْرِ الْإِمَارَةِ فِيهَا، ثُمَّ نَقَلَتْهُ أُخْتُهُ سِتُّ الشَّامِ بِنْتُ أَيُّوبَ فَدَفَنَتْهُ بِتُرْبَتِهَا الَّتِي بِالشَّامِيَّةِ الْبَرَّانِيَّةِ، فَقَبْرُهُ الْقِبْلِيُّ، وَالْوَسْطَانِيُّ قَبْرُ زَوْجِهَا وَابْنِ عَمِّهَا نَاصِرِ الدِّينِ محمد بن أسد الدين شيركوه، صاحب حماه والرحبة، والمؤخر قبرها، وَالتُّرْبَةُ الْحُسَامِيَّةُ مَنْسُوبَةٌ إِلَى وَلَدِهَا حُسَامِ الدِّينِ عمر بن لاشين، وَهِيَ إِلَى جَانِبِ الْمَدْرَسَةِ مِنْ غَرْبِهَا، وَقَدْ كان توران شاه هذا كريما شجاعا عظيم الهيبة كبير النفس، واسع النفقة والعطاء، قَالَ فِيهِ ابْنُ سَعْدَانَ الْحَلَبِيُّ:
هُوَ الْمَلْكُ إِنْ تَسْمَعْ بِكِسْرَى وَقَيْصَرٍ ... فَإِنَّهُمَا فِي الْجُودِ وِالْبَأْسِ عَبْدَاهُ
وَمَا حَاتِمٌ مِمَّنْ يُقَاسُ بِمِثْلِهِ ... فَخُذْ مَا رَأَيْنَاهُ وَدَعْ مَا رَوَيْنَاهُ
وَلُذْ بعلاه مُسْتَجِيرًا فَإِنَّهُ ... يُجِيرُكَ مِنْ جَوْرِ الزَّمَانِ وَعَدْوَاهُ

نام کتاب : البداية والنهاية - ط الفكر نویسنده : ابن كثير    جلد : 12  صفحه : 306
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست