responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية والنهاية - ط الفكر نویسنده : ابن كثير    جلد : 11  صفحه : 55
وَسَمِعَ الْكَثِيرَ عَنْ مَشَايِخِ الْبُلْدَانِ فِي الشَّامِ وَمِصْرَ وَالْجَزِيرَةِ وَالْعِرَاقِ وَخُرَاسَانَ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَلَهُ السُّنَنُ الْمَشْهُورَةُ الْمُتَدَاوَلَةُ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ، الَّتِي قَالَ فِيهَا أَبُو حَامِدٍ الْغَزَالِيُّ: يَكْفِي الْمُجْتَهِدَ مَعْرِفَتُهَا من الأحاديث النبويّة. حدث عَنْهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمُ ابْنُهُ أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللَّهِ وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّسَائِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ سليمان النجار، وَهُوَ آخِرُ مَنْ رَوَى عَنْهُ فِي الدُّنْيَا. سَكَنَ أَبُو دَاوُدَ الْبَصْرَةَ وَقَدِمَ بَغْدَادَ غَيْرَ مرة وحدث بكتاب السُّنَنِ بِهَا، وَيُقَالُ إِنَّهُ صَنَّفَهُ بِهَا وَعَرَضَهُ عَلَى الْإِمَامِ أَحْمَدَ فَاسْتَجَادَهُ وَاسْتَحْسَنَهُ وَقَالَ الْخَطِيبُ:
حدثني أبو بكر محمد بن على ابن إبراهيم القاري الدينَوَريّ من لفظه، قَالَ سَمِعْتُ أَبَا الْحُسَيْنِ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ الله بن الحسن القرصي قَالَ سَمِعْتُ أَبَا بَكْرِ بْنَ دَاسَهْ يَقُولُ سَمِعْتُ أَبَا دَاوُدَ يَقُولُ: كَتَبْتُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَمْسَمِائَةِ أَلْفِ حديث انتخبت منها ما ضمنته كتاب السنن، جمعت فيه أربعة آلاف حديث وثمانمائة حديث، ذكرت الصحيح وما يشبه وَيُقَارِبُهُ، وَيَكْفِي الْإِنْسَانَ لِدِينِهِ مِنْ ذَلِكَ أَرْبَعَةُ أحاديث، قوله عليه السلام: «إنما الأعمال بالنيات» . الثاني قَوْلُهُ «مِنْ حُسْنِ إِسْلَامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لا يعنيه» . الثالث قَوْلُهُ «لَا يَكُونُ الْمُؤْمِنُ مُؤْمِنًا حَتَّى يَرْضَى لأخيه ما يرضاه لنفسه» الرابع قَوْلُهُ:
«الْحَلَّالُ بَيِّنٌ وَالْحَرَامُ بَيِّنٌ وَبَيْنَ ذَلِكَ أُمُورٌ مُشْتَبِهَاتٌ» . وَحُدِّثْتُ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ جَعْفَرٍ الْحَنْبَلِيِّ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الْخَلَّالَ قَالَ: أَبُو دَاوُدَ سُلَيْمَانُ بْنُ الْأَشْعَثِ السِّجِسْتَانِيُّ الْإِمَامُ الْمُقَدَّمُ فِي زَمَانِهِ رَجُلٌ لَمْ يَسْبِقْهُ إِلَى معرفة تخريج العلوم وبصره بمواضعها أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ زَمَانِهِ، رَجُلٌ وَرِعٌ مُقَدَّمٌ قَدْ سَمِعَ مِنْهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ حَدِيثًا واحدا كان أبو داود يذكره، وكان أبو بكر الأصبهاني وأبو بكر بن صدقة يرفعان من قدره ويذكر انه بما لا يذكران أحدا في زمانه بمثله.
قُلْتُ: الْحَدِيثُ الَّذِي كَتَبَهُ عَنْهُ وَسَمِعَهُ مِنْهُ الامام أحمد بن حنبل هو ما رواه أبو داود مِنْ حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ أَبِي معشر الدَّارِمِيِّ عَنْ أَبِيهِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنِ الْعَتِيرَةِ فَحَسَّنَهَا» . وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ وَغَيْرُهُ: أُلِينَ لِأَبِي دَاوُدَ الْحَدِيثُ كَمَا أُلِينَ لِدَاودَ الْحَدِيدُ. وَقَالَ غَيْرُهُ: كَانَ أَحَدَ حُفَّاظِ الْإِسْلَامِ لِلْحَدِيثِ وَعِلَلِهِ وَسَنَدِهِ. وكان في أعلا دَرَجَةِ النُّسُكِ وَالْعَفَافِ وَالصَّلَاحِ وَالْوَرَعِ مِنْ فُرْسَانِ الْحَدِيثِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: كَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ يُشَبَّهُ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَدْيِهِ وَدَلِّهِ وَسَمْتِهِ، وَكَانَ عَلْقَمَةُ يُشْبِهُهُ، وَكَانَ إِبْرَاهِيمُ يُشْبِهُ عَلْقَمَةَ، وَكَانَ مَنْصُورٌ يُشْبِهُ إِبْرَاهِيمَ، وَكَانَ سفيان يشبه منصور، وَكَانَ وَكِيعٌ يُشْبِهُ سُفْيَانَ، وَكَانَ أَحْمَدُ يُشْبِهُ وَكِيعًا، وَكَانَ أَبُو دَاوُدَ يُشْبِهُ أَحْمَدَ بْنَ حنبل. وقال محمد ابن بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ: كَانَ لِأَبِي دَاوُدَ كُمٌّ وَاسِعٌ وَكُمٌّ ضَيَّقٌ فَقِيلَ لَهُ: مَا هَذَا يَرْحَمُكَ اللَّهُ؟ فَقَالَ:
هَذَا الْوَاسِعُ لِلْكُتُبِ وَالْآخَرُ لَا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ.
وَقَدْ كَانَ مَوْلِدُ أَبِي دَاوُدَ فِي سَنَةِ ثِنْتَيْنِ وَمِائَتَيْنِ، وَتُوُفِّيَ بِالْبَصْرَةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ لِأَرْبَعَ عَشْرَةَ بَقِيَتْ مِنْ شَوَّالٍ سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَتَيْنِ عَنْ ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ سَنَةً، وَدُفِنَ إِلَى جَانِبِ قَبْرِ سُفْيَانَ الثوري.

نام کتاب : البداية والنهاية - ط الفكر نویسنده : ابن كثير    جلد : 11  صفحه : 55
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست