responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية والنهاية - ط الفكر نویسنده : ابن كثير    جلد : 11  صفحه : 197
خطب على المنبر يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَآخِرَ خَلِيفَةٍ جَالَسَ الْجُلَسَاءَ وَوَصَلَ إِلَيْهِ النُّدَمَاءُ. وَآخِرَ خَلِيفَةٍ كَانَتْ نَفَقَتُهُ وَجَوَائِزُهُ وعطاياه وجراياته وخزائنه ومطابخه ومجالسه وخدمه وأصحابه وأموره كلها تجرى عَلَى تَرْتِيبِ الْمُتَقَدِّمِينَ مِنَ الْخُلَفَاءِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: كَانَ فَصِيحًا بَلِيغًا كَرِيمًا جَوَادًا مُمَدَّحًا، وَمِنْ جِيدِ كَلَامِهِ الَّذِي سَمِعَهُ مِنْهُ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الصُّولِيُّ: للَّه أَقْوَامٌ هُمْ مَفَاتِيحُ الْخَيْرِ، وأقوام هم مَفَاتِيحُ الشَّرِّ، فَمَنْ أَرَادَ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا قصده أَهْلَ الْخَيْرِ وَجَعَلَهُ الْوَسِيلَةَ إِلَيْنَا فَنَقْضِي حَاجَتَهُ وهو الشريك في الثواب والأجر وَالشُّكْرِ.
وَمَنْ أَرَادَ اللَّهُ بِهِ شَرًّا عَدَلَ به إلى غيرنا وهو الشَّرِيكُ فِي الْوِزْرِ وَالْإِثْمِ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى كُلِّ حَالٍ.
وَمِنْ أَلْطَفِ الِاعْتِذَارَاتِ مَا كَتَبَ بِهِ الرَّاضِي إِلَى أَخِيهِ الْمُتَّقِي وَهُمَا فِي الْمَكْتَبِ- وَكَانَ الْمُتَّقِي قَدِ اعْتَدَى عَلَى الرَّاضِي والراضي هو الكبير منهما- فكتب: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، أَنَا مُعْتَرِفٌ لَكَ بِالْعُبُودِيَّةِ فَرْضًا، وَأَنْتَ مُعْتَرِفٌ لِي بِالْأُخُوَّةِ فَضْلًا، وَالْعَبْدُ يُذْنِبُ وَالْمَوْلَى يَعْفُو. وَقَدْ قَالَ الشَّاعِرَ:
يَا ذَا الَّذِي يَغْضَبُ مِنْ غَيْرِ شَيْ ... اعْتِبْ فَعُتْبَاكَ حَبِيبٌ إِلَيْ
أَنْتَ عَلَى أَنَّكَ لِي ظَالِمٌ ... أَعَزُّ خَلْقِ اللَّهِ طُرًّا عَلَيْ
قَالَ فَجَاءَ إِلَيْهِ أَخُوهُ الْمُتَّقِي فَأَكَبَّ عَلَيْهِ يُقَبِّلُ يَدَيْهِ وَتَعَانَقَا وَاصْطَلَحَا. وَمِنْ لَطِيفِ شِعْرِهِ قوله فيما ذكره ابن الأثير في كامله:
يَصْفَرُّ وَجْهِي إِذَا تَأَمَّلَهُ ... طَرْفِي وَيَحْمَرُّ وَجْهُهُ خَجَلَا
حَتَّى كَأَنَّ الَّذِي بِوَجْنَتِهِ ... مِنْ دَمِ جِسْمِي إِلَيْهِ قَدْ نُقِلَا
قَالَ: وَمِمَّا رَثَى بِهِ أَبَاهُ الْمُقْتَدِرَ:
وَلَوْ أَنَّ حَيًّا كَانَ قَبْرًا لِمَيِّتٍ ... لَصَيَّرْتُ أَحْشَائِي لِأَعْظُمِهِ قَبْرَا
وَلَوْ أَنَّ عُمْرِي كَانَ طَوْعَ مَشِيئَتِي ... وَسَاعَدَنِي الْمَقْدُورُ قَاسَمْتُهُ الْعُمْرَا
بِنَفْسِي ثَرًى ضَاجَعْتُ فِي تُرْبِهِ الْبِلَى ... لَقَدْ ضَمَّ مِنْكَ الْغَيْثَ وَاللَّيْثَ وَالْبَدْرَا
ومما أنشده له ابن الجوزي في منتظمه:
لا تكثرن لومى على الاسراف ... ربح المحامد متجر الأشراف
أحوى لما يأتي المكارم سَابِقًا ... وَأَشِيدُ مَا قَدْ أَسَّسَتْ أَسْلَافِي
إِنِّي من القوم الذين أكفهم ... معتادة الاملاق والإتلاف
ومن شعره الّذي رواه الخطيب عنه مِنْ طَرِيقِ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الصولي النديم قَوْلُهُ:
كُلُّ صَفْوٍ إِلَى كَدَرْ ... كُلُّ أَمْنٍ إلى حذر
ومصير الشباب للموت ... فِيهِ أَوِ الْكِبَرْ
دَرَّ دَرُّ الْمَشِيبِ مِنْ ... وَاعِظٍ يُنْذِرُ الْبَشَرْ

نام کتاب : البداية والنهاية - ط الفكر نویسنده : ابن كثير    جلد : 11  صفحه : 197
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست