responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية والنهاية - ط الفكر نویسنده : ابن كثير    جلد : 10  صفحه : 241
طَائِفَةٌ: تَذْهَبُ بِمَنْ بَقِيَ مَعَكَ إِلَى الْجَزِيرَةِ أَوِ الشَّامِ فَتَتَقَوَّى بِالْأَمْوَالِ وَتَسْتَخْدِمَ الرِّجَالَ. وَقَالَ بعضهم تَخْرُجُ إِلَى طَاهِرٍ وَتَأْخُذُ مِنْهُ أَمَانًا وَتُبَايِعُ لِأَخِيكَ، فَإِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ فَإِنَّ أَخَاكَ سَيَأْمُرُ لك بما يكفيك ويكفى أهلك مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا، وَغَايَةُ مُرَادِكَ الدَّعَةُ وَالرَّاحَةُ، وذلك يحصل لك تاما. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بَلْ هَرْثَمَةُ أَوْلَى بِأَنْ يَأْخُذَ لك منه الأمان فإنه مولاكم وهو أحنى عليك. فَمَالَ إِلَى ذَلِكَ، فَلَمَّا كَانَتْ لَيْلَةُ الْأَحَدِ الرَّابِعِ مِنْ صَفَرٍ بَعْدَ عِشَاءِ الْآخِرَةِ وَاعَدَ هَرْثَمَةَ أَنْ يَخْرُجَ إِلَيْهِ، ثُمَّ لَبِسَ ثِيَابَ الْخِلَافَةِ وَطَيْلَسَانًا وَاسْتَدْعَى بِوَلَدَيْهِ فَشَمَّهُمَا وَضَمَّهُمَا إِلَيْهِ وَقَالَ: أَسْتُوْدِعُكُمَا اللَّهَ، وَمَسَحَ دُمُوعَهُ بِطَرَفِ كُمِّهِ، ثُمَّ رَكِبَ عَلَى فَرَسٍ سَوْدَاءَ وَبَيْنَ يَدَيْهِ شَمْعَةٌ، فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى هَرْثَمَةَ أَكْرَمَهُ وَعَظَّمَهُ وَرَكِبَا فِي حَرَّاقَةٍ فِي دِجْلَةَ، وَبَلَغَ ذَلِكَ طَاهِرًا فَغَضِبَ مِنْ ذَلِكَ وَقَالَ: أَنَا الَّذِي فَعَلْتُ هَذَا كُلَّهُ، وَيَذْهَبُ إِلَى غَيْرِي، وَيُنْسَبُ هَذَا كُلُّهُ إِلَى هَرْثَمَةَ؟ فَلَحِقَهُمَا وَهُمَا فِي الحراقة فأمالها أصحابه فغرق من فيها، غير أن الْأَمِينَ سَبَحَ إِلَى الْجَانِبِ الْآخَرِ وَأَسَرَهُ بَعْضُ الجند. وجاء فأعلم طاهرا فَبَعَثَ إِلَيْهِ جُنْدًا مِنَ الْعَجَمِ فَجَاءُوا إِلَى البيت الّذي هو فيه وَعِنْدَهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ وَهُوَ يَقُولُ لَهُ: ادْنُ مِنِّي فَإِنِّي أَجِدُ وَحْشَةً شَدِيدَةً، وَجَعَلَ يَلْتَفُّ فِي ثِيَابِهِ شَدِيدًا وَقَلْبُهُ يَخْفِقُ خَفَقَانًا عَظِيمًا، كَادَ يَخْرُجُ مِنْ صَدْرِهِ. فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ أُولَئِكَ قَالَ: إِنَّا للَّه وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ. ثُمَّ دَنَا مِنْهُ أَحَدُهُمْ فَضَرَبَهُ بِالسَّيْفِ عَلَى مَفْرِقِ رَأْسِهِ فَجَعَلَ يَقُولُ: وَيْحَكُمُ أَنَا ابْنُ عَمِّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَا ابْنُ هَارُونَ، أَنَا أَخُو الْمَأْمُونِ، اللَّهَ اللَّهَ فِي دَمِي. فَلَمْ يَلْتَفِتُوا إِلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، بَلْ تَكَاثَرُوا عَلَيْهِ وَذَبَحُوهُ مِنْ قفاه وهو مكبوب على وجهه وَذَهَبُوا بِرَأْسِهِ إِلَى طَاهِرٍ وَتَرَكُوا جُثَّتَهُ، ثُمَّ جاءوا بكرة إِلَيْهَا فَلَفُّوهَا فِي جُلِّ فَرَسٍ وَذَهَبُوا بِهَا. وذلك لَيْلَةَ الْأَحَدِ لِأَرْبَعِ لَيَالٍ خَلَتْ مِنْ صَفَرٍ من هذه السنة.
وهذا شيء من ترجمته
هو محمد الْأَمِينُ بْنُ هَارُونَ الرَّشِيدِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمَهْدِيِّ بْنِ الْمَنْصُورِ، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَيُقَالُ أَبُو موسى الهاشمي العباسي، وَأُمُّهُ أُمُّ جَعْفَرٍ زُبَيْدَةُ بِنْتُ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ الْمَنْصُورِ، كَانَ مَوْلِدُهُ بِالرُّصَافَةِ سَنَةَ سبعين ومائة [قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي الدُّنْيَا: حَدَّثَنَا عياش بن هشام عن أبيه قال: ولد محمد الأمين بن هارون الرشيد في شوال سَنَةَ سَبْعِينَ وَمِائَةٍ [1]] . وَأَتَتْهُ الْخِلَافَةُ بِمَدِينَةِ السَّلَامِ بغداد لِثَلَاثَ عَشْرَةَ لَيْلَةً بَقِيَتْ مِنْ جُمَادَى الْآخِرَةِ سنة ثلاث وتسعين وقيل ليلة الأحد لخمس بقين من المحرم، وقتل سَنَةَ ثَمَانٍ وَتِسْعِينَ وَمِائَةٍ، قَتَلَهُ قُرَيْشٌ الدَّنْدَانِيُّ، وَحُمِلُ رَأْسُهُ إِلَى طَاهِرِ بْنِ الْحُسَيْنِ فَنَصَبَهُ عَلَى رُمْحٍ وَتَلَا هَذِهِ الْآيَةَ قُلِ اللَّهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ 3: 26 وَكَانَتْ وِلَايَتُهُ أَرْبَعَ سِنِينَ وَسَبْعَةَ أَشْهُرٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ، وَكَانَ طَوِيلًا سَمِينًا أَبْيَضَ أَقْنَى الْأَنْفِ صَغِيرَ الْعَيْنَيْنِ، عَظِيمَ الْكَرَادِيسِ بَعِيدًا مَا بَيْنَ الْمَنْكِبَيْنِ. وَقَدْ رَمَاهُ بَعْضُهُمْ بِكَثْرَةِ اللَّعِبِ وَالشُّرْبِ وَقِلَّةِ الصَّلَاةِ. وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ جَرِيرٍ طَرَفًا من سيرته في إكثاره من

[1] زيادة من المصرية.
نام کتاب : البداية والنهاية - ط الفكر نویسنده : ابن كثير    جلد : 10  صفحه : 241
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست