responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية والنهاية - ط الفكر نویسنده : ابن كثير    جلد : 10  صفحه : 213
وفاة الرشيد
كان قد رأى وهو بالكوفة رُؤْيَا أَفْزَعَتْهُ وَغَمَّهُ ذَلِكَ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ جِبْرِيلُ بْنُ بَخْتَيْشُوعَ فَقَالَ: مَا لَكَ يَا أَمِيرَ المؤمنين؟ فقال: رأيت كَفًّا فِيهَا تُرْبَةٌ حَمْرَاءُ خَرَجَتْ مِنْ تَحْتِ سريري وقائلا يقول: هذه تربة هارون. فَهَوَّنَ عَلَيْهِ جِبْرِيلُ أَمْرَهَا وَقَالَ: هَذِهِ مِنْ أضغاث الأحلام من حَدِيثِ النَّفْسِ، فَتَنَاسَهَا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. فَلَمَّا سَارَ يُرِيدُ خُرَاسَانَ وَمَرَّ بِطُوسَ وَاعْتَقَلَتْهُ الْعِلَّةُ بها، ذكر رؤياه فهاله ذلك وقال لجبريل:
ويحك! أما تذكر ما قصصته عليه من الرؤيا؟ فقال: بلى. فَدَعَا مَسْرُورًا الْخَادِمَ وَقَالَ: ائْتِنِي بِشَيْءٍ مِنْ تُرْبَةِ هَذِهِ الْأَرْضِ، فَجَاءَهُ بِتُرْبَةٍ حَمْرَاءَ فِي يَدِهِ، فَلَمَّا رَآهَا قَالَ: وَاللَّهِ هَذِهِ الْكَفُّ الَّتِي رَأَيْتُ، وَالتُّرْبَةُ الَّتِي كَانَتْ فِيهَا. قَالَ جبريل: فو الله ما أتت عليه ثلاث حتى توفي، وَقَدْ أَمَرَ بِحَفْرِ قَبْرِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ فِي الدَّارِ الَّتِي كَانَ فِيهَا، وَهِيَ دَارُ حُمَيْدِ بْنِ أَبِي غَانِمٍ الطَّائِيِّ، فَجَعَلَ يَنْظُرُ إِلَى قبره وهو يقول: يا بن آدم تصير إلى هذا. ثم أمر أن يقرءوا القرآن في قبره، فقرءوه حَتَّى خَتَمُوهُ وَهُوَ فِي مَحَفَّةٍ عَلَى شَفِيرِ الْقَبْرِ وَلَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ احْتَبَى بِمُلَاءَةٍ وَجَلَسَ يُقَاسِي سَكَرَاتِ الْمَوْتِ، فَقَالَ لَهُ بَعْضُ مَنْ حضر: لو اضطجعت كان أهون عليك. فضحك ضحكا صحيحا ثُمَّ قَالَ: أَمَا سَمِعْتَ قَوْلَ الشَّاعِرِ:
وَإِنِّي مِنْ قَوْمٍ كِرَامٍ يَزِيدُهُمْ ... شِمَاسًا وَصَبْرًا شِدَّةُ الحدثان
مات لَيْلَةَ السَّبْتِ، وَقِيلَ لَيْلَةَ الْأَحَدِ مُسْتَهَلَّ جُمَادَى الْآخِرَةِ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَتِسْعِينَ وَمِائَةٍ، عَنْ خَمْسٍ، وقيل سبع وأربعين سنة. وكان ملكه ثلاثا وعشرين سنة.
وَهَذِهِ تَرْجَمَتُهُ
هُوَ هَارُونُ الرَّشِيدُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ابْنُ الْمَهْدِيِّ مُحَمَّدِ بْنِ الْمَنْصُورِ أَبِي جَعْفَرٍ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ علي ابن عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، الْقُرَشِيُّ الْهَاشِمِيُّ، أَبُو مُحَمَّدٍ، وَيُقَالُ أَبُو جَعْفَرٍ. وأمه الخيزران أم ولد. كان مَوْلِدُهُ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ سِتٍّ وَقِيلَ سَبْعٍ، وَقِيلَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ، وَقِيلَ إِنَّهُ وُلِدَ سَنَةَ خَمْسِينَ وَمِائَةٍ، وَبُويِعَ لَهُ بِالْخِلَافَةِ بَعْدَ مَوْتِ أَخِيهِ مُوسَى الْهَادِي فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ سَنَةَ سَبْعِينَ وَمِائَةٍ، بِعَهْدٍ مِنْ أَبِيهِ الْمَهْدِيِّ. رَوَى الْحَدِيثَ عَنْ أَبِيهِ وَجَدِّهِ، وَحَدَّثَ عَنِ الْمُبَارَكِ بْنِ فَضَالَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ» [1] . أَوْرَدَهُ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ وَهُوَ يَخْطُبُ النَّاسَ، وَقَدْ حَدَّثَ عَنْهُ ابْنُهُ وَسُلَيْمَانُ الْهَاشِمِيُّ وَالِدُ إِسْحَاقَ، وَنُبَاتَةُ بْنُ عَمْرٍو. وَكَانَ الرَّشِيدُ أَبْيَضَ طَوِيلًا سَمِينًا جَمِيلًا، وَقَدْ غَزَا الصَّائِفَةَ فِي حَيَاةِ أَبِيهِ مِرَارًا، وَعَقَدَ الْهُدْنَةَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَالرُّومِ بَعْدَ مُحَاصَرَتِهِ الْقُسْطَنْطِينِيَّةَ، وَقَدْ لَقِيَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ ذَلِكَ جَهْدًا جَهِيدًا وَخَوْفًا شَدِيدًا، وكان الصلح مع امرأة ليون وَهِيَ الْمُلَقَّبَةُ بِأُغُسْطَةَ عَلَى حَمْلٍ كَثِيرٍ تَبْذُلُهُ للمسلمين في كل عام، ففرح المسلمون بذلك، وكان هذا هو الّذي حدا أباه على البيعة له بعد أخيه فِي سَنَةِ سِتٍّ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ، ثُمَّ لَمَّا أفضت إليه

[1] أخرجه البخاري في الأدب والزكاة والرقاق والتوحيد ومسلم في الزكاة ح (66- 67- 68- 70) والترمذي في القيامة (1) والزهد (37) والنسائي والدارميّ في الزكاة وا بن ماجة في المقدمة (13) والزكاة (38) وأحمد في المسند 1/ 288، 446 و 4/ 256، 358، 6/ 79، 138.
نام کتاب : البداية والنهاية - ط الفكر نویسنده : ابن كثير    جلد : 10  صفحه : 213
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست