responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مواهب النفس المرضية نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 56

 

وانحل أكثر خلاياه لا يزال يملك في نفسه ومشاعره كل همم الشباب ورغباتهم.. بل إننا قد نجده يخطط ويدخر لسنوات كثيرة لا يطمع لأن يعيش لها.. ولو أن نفسه كانت تابعة لجسده، لما فكر مثل هذا التفكير، ولا هم بمثل هذه الهمم.

وهكذا نرى الإنسان يستعمل كل الوسائل للفرار من الموت، ومن أسبابه.. وهذه الرغبة لا يمكن أن تكون ناشئة عن فراغ، ذلك أن لكل رغبة من الرغبات الموجودة في النفس ما يغطيها، ويلبي حاجتها؛ فالعطش والرغبة في الماء دلتنا على وجود الماء.. والرغبة في الطعام دلتنا على وجود كل الأطعمة التي نشتهيها، وبحسب الأذواق التي ركبت في طباعنا.. وهكذا نجد كل الرغبات لها ما يلبيها في الواقع، وبأنواع كثيرة جدا.. تفوق حد الضرورة والحاجة.

ومثل هذا الرغبة في الخلود والسعادة الأبدية.. فهي موجودة فينا، ويكذب على نفسه من يزعم عدم إحساسه بها.. ولذلك كانت هذه الرغبة دليلا على وجود ما يمثلها في الواقع.. مثلما نستدل بوجود الماء والطعام وكل ما نشعر بحاجتنا إليه.

بل إن الشعور بالرغبة في الخلود أعظم من كل الرغبات.. ولذلك لم يؤسس الطب ولا كل العلوم المرتبطة به إلا للسعي لتحقيق بعض متطلبات تلك الرغبة.

وقد أشار إلى هذا المعنى بعض الحكماء، فقال: (يرى العلماء المحققون أن أفكار البشر وتصوراتِه الإنسانيةَ التي لا تتناهى المتولّدةَ من آماله غير المتناهية، الحاصلةَ من ميوله التي لا تُحد، الناشئةَ من قابلياته غير المحصورة، المندمجةَ في استعداداته الفطرية غير المحدودة، المندرجةَ في جوهر روحه، كلُّ منها تمدّ أصابعَها فتشير وتحدُق ببصرِها فتتوجّه إلى عالم السعادة الأبدية وراء عالم الشهادة هذا. فالفطرةُ التي لا تكذب أبدا والتي فيها ما فيها من

 

 

نام کتاب : مواهب النفس المرضية نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 56
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست