ويذكر معيته مع المؤمنين الصالحين، فيقول: ﴿ وَقَالَ الله إِنِّي
مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلَاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنْتُمْ
بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ الله قَرْضًا حَسَنًا﴾
[المائدة: 12]، ويقول: ﴿إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ الله
مَعَنَا﴾ [التوبة 40]، ويقول: ﴿ إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إلى الْمَلَائِكَةِ
أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ
كَفَرُوا الرُّعْبَ ﴾ [الأنفال: 12]
ويذكر حضوره مع المنحرفين الذين يستخفون من الناس، ولكنهم لا يستطيعون
الاستخفاء منه، فيقول: ﴿يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلاَ يَسْتَخْفُونَ
مِنَ الله وَهُوَ مَعَهُم﴾ [النساء 108]
وهكذا نجد الأحاديث الصحيحة الموافقة للمعقول والمنقول، والتي لم تتلطخ
بتشويهات المجسمة والمحرفة تنص على هذا، ففي الحديث الصحيح أن رسول الله a قال للصحابة لما رأى رفعهم لأصواتهم
بالذكر: (أيها الناس! أربعوا على أنفسكم، فإنكم لا تدعون أصم ولا غائباً، إنما
تدعون سميعاً بصيراً قريباً، إن الذي تدعونه أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته)([100])
إذا عرفت هذا ـ أيها المريد الصادق ـ فاعلم أن قرب الله تعالى مثل سائر
صفاته وأسمائه الحسنى منزه عن كل ما أُشكل به عليك من الحلول والاتحاد أو الحاجة
للمكان والمحل.. ذلك أن كل ذلك مرتبط بالأجسام.. فهي التي باقترابها يحل بعضها في
بعض، أو يتحد بعضها ببعض.. وهي التي ببعدها يكون لها محلها الخاص بها، والذي لا
تداني أو تلامس به غيرها.