responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : معارف النفس الراضية نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 52

امتلأت قلوبهم آلاما نتيجة توزعها على آلهة شتى، فكلما أرضوا إلها أسخطوا غيره.

وهو ينطبق كذلك على أولئك الموحدين بألسنتهم، لا بقلوبهم، ولذلك تتشتت نفوسهم بحسب عدد الآلهة التي يعبدونها، وإن لم يشعروا بعبوديتهم لها.

وإلى هذا الإشارة بقوله تعالى: ﴿ ضَرَبَ الله مَثَلًا رَجُلًا فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلًا سَلَمًا لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا الْحَمْدُ لله بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [الزمر: 29]

فهذا المثال القرآني يوضح قيمة الوحدة، وأن العبودية للواحد، تجعل صاحبها ممتلئا بالراحة والسكينة والسلام، لأنه يعلم ما الذي يرضيه، وما الذي يسخصه.. لكنه إن كان موزعا بين سادة مختلفين متشاكسين، إن أرضى أحدهم أسخط الآخر، عاش المعاناة والآلام، ولن تطمئن نفسه، ولن ترضى أبدا.

إذا علمت هذا ـ أيها المريد الصادق ـ فاعلم أن الوحدة لا تنفي الكثرة، وإنما تحميها، وتحفظها، وتجعلها منظمة منسقة يؤدي كل منها دوره الخاص به.. ولا يمكن أن تكون كذلك إلا إذا كانت لها الرقابة التامة على كل أفراد الكثرة حتى لا يخرج أحدهم عما وكل إليه من مهام.. فبقدر سيطرة الوحدة على الكثرة يكون النظام والعدالة، وتمتلئ الحياة بالسلام.

ولذلك كانت وحدانية الله تقتضي سريانها في كل شيء، وتناسقها مع كل شيء، حتى لا يطغى جانب على جانب.. ولذلك كان حضور الله تعالى الدائم، هو الحصن الحصين الذي يحتمي به كل من عرف هذه المعرفة، كما قال تعالى مخاطبا موسى عليه السلام: ﴿لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى﴾ [طه: 46]

وقال للملائكة عليهم السلام: ﴿أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ﴾ [الأنفال: 12]

نام کتاب : معارف النفس الراضية نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 52
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست