responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : معارف النفس الراضية نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 369

لكن الأمر يتغير تماما بعد إضاءة القصر والجنان.. وبقدر تلك الإضاءة يبدو جمال الأشياء الذي كان مخبأ في الظلمات، والذي كان حينها أشبه بالعدم منه بالوجود.

ولذلك؛ فإن ذلك النور الحسي البسيط هو الذي مكن المدارك الحسية من رؤية الأشياء، والتمييز بينها، والتمتع بما فيها من جمال.. ولو لم يكن ذلك النور، لما كان هناك أي معنى للعين، فواسطة رؤيتها للأشياء هي تلك الأنوار التي أتاحتها لها.

ولو لم تكن تلك الأنوار والعين التي تشاهدها لكان ذلك القصر أو تلك الجنان معدوما في نظرها، أو ميتا لا حياة له.

ولهذا قرن الله تعالى بين النور والظلمات، والرؤية والعمى، والحياة والموت، والظل والحرور، فقال: ﴿وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ (19) وَلَا الظُّلُمَاتُ وَلَا النُّورُ (20) وَلَا الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ (21) وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاءُ وَلَا الْأَمْوَاتُ إِنَّ الله يُسْمِعُ مَنْ يَشَاءُ وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ ﴾ [فاطر: 19 - 22]، وقال: ﴿قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ﴾ [الرعد: 16]

وبذلك فإن النور هو الواسطة التي من خلالها يمكن للمدارك التي وهبت للإنسان أن تؤدي وظائفها.. سواء كانت مدارك حسية ظاهرية، أو مدارك وجدانية باطنية.

وكما أن للمدارك الحسية الظاهرية أنوارها الخاصة بها، والتي تهتدي بها إلى الموجودات الغليظة الحسية؛ فكذلك للمدارك الباطنية أنوارها الخاصة بها، والتي تهتدي بها إلى الموجودة اللطيفة المعنوية.

ولهذا كانت رحلة السالك إلى الله هي رحلة إنارة لبصيرته، لتتمكن من رؤية الحقائق رأي العين، لأنه لا يحصل اليقين إلا بذلك.

وبما أن السالك لا يملك إلا مداركه، ولا قدرة له على توفير الأنوار؛ فإن دوره في

نام کتاب : معارف النفس الراضية نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 369
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست