responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : رسالة إلى الإمام علي نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 95

لقد كنت تعرف صاحبك هماما.. وتعرف مدى تقواه وصلاحه وصدقه.. وتعرف فوق ذلك كله همته العلية.. وتعرف فوق ذلك كله حساسيته الشديدة عند سماع المواعظ المؤثرة.. فاكتفيت بأن قلت له: (يا همّام، اتّق اللّه وأحسن فـ ﴿إِنَّ اللّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُون﴾ [النحل:128])

لكن هماما لم تقنعه هذه الإجابة.. فراح يلح عليك أن تصفهم له وصفا دقيقا يحيط بهم من كل الجوانب، وينفي كل التحريفات والتلبيسات التي أصابت التقوى وأهلها.

حينها أخذت ـ بما آتاك الله من بلاغة وبيان ـ تريه مشاهد المتقين حية متحركة، ولم تكن تصف في الحقيقة إلا نفسك.. فلم تكن تلك المشاهد إلا تعبيرا حيا عنك، وعن شخصيتك الفذة، ونفسك الطاهرة، وروحك السامية.

عبودية المتقين:

لقد بدأت خطبتك سيدي بالحقائق العرفانية الممتلئة بالعبودية.. فأول صفة في المتقين هي عبوديتهم الخالصة لله، وافتقارهم التام إليه، ومعرفتهم بأن الله أغنى الأغنياء.. فلا تنفعه طاعة من أطاعه، ولا تضره معصية من عصاه..

لقد قلت له: (إنّ اللّه سبحانه وتعالى خلق الخلق- حين خلقهم- غنيّا عن طاعتهم، آمنا من معصيتهم، لأنّه لا تضرّه معصية من عصاه، ولا تنفعه طاعة من أطاعه، فقسم بينهم معايشهم، ووضعهم من الدّنيا مواضعهم) [1]

ثم رحت سيدي تحلل صفاتهم وشخصيتهم من خلال تربية رسول الله صلی‌الله‌علیه‌وآله‌وسلم لك، ومن خلال تدبرك للقرآن الكريم.. فقلت له ـ بعبارات جامعة ـ: (فالمتّقون فيها هم أهل الفضائل: منطقهم الصّواب، وملبسهم الاقتصاد، ومشيهم التّواضع، غضّوا أبصارهم عمّا


[1] نهج البلاغة: الخطبة رقم(193)

نام کتاب : رسالة إلى الإمام علي نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 95
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست