responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أسرار ما بعد الموت نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 526

وبذلك ينحجبون عن كل حقائق الوجود، والموازين التي تحكمه، ويضعون بدائل جديدة من عند أنفسهم، مبنية على الهوى، تتشكل منه نفوسهم وسلوكاتهم، وبذلك ينحرفون عن الصبغة الأصلية التي صبغ الله بها الإنسان، وذلك ما يجعلهم يتألمون ألما شديدا عند معاينتهم للحقائق التي كانوا تائهين أو غافلين عنها.

ثانيهما: المغضوب عليهم، وهم الذين أضافوا لذلك التيه كل أنواع الإجرام والكبر؛ حيث أنهم استحلوا الضلالة، بل راحوا يمارسون دورا عكسيا للهداية الإلهية، وذلك بتحويل أنفسهم إلى طواغيت وجبابرة يخرجون الناس من النور إلى الظلمات.

وبذلك؛ فإن جريمة المغضوب عليهم أكبر بكثير من جريمة الضالين.. ذلك أنهم لا يكتفون بتحمل أوزارهم، وإنما يضيفون إليها جميع أوزار الذين أضلوهم، كما قال تعالى: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (24) لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ ﴾ [النحل: 24، 25]

وبذلك؛ فإن عقوبتهم لا تتوقف فقط على تلك الملكات التي تشكلت منها نفوسهم، وإنما يضاف إليها تحقيق العدالة المرتبطة بكل الذين أضلوهم، ولذلك لا يمكن أن يخرج من العقاب القائم بالدعوة للضلال في نفس الوقت الذي يبقى فيه من كان ضحية لتضليله.

وسر الخلاف الذي وقع فيه الكثير في تحديد المغضوب عليهم والضالين، هو توهمهم أن لكلا الصنفين خصائصه المميزة له، مع أن المغضوب عليهم في الحقيقة لا يكونون كذلك إلا بعد أن يتحققوا بالضلال، ثم يضيفون إليه الكثير من الانحرافات التي توجب الغضب الإلهي، وبذلك يكون كل المغضوب عليهم ضالين، وليس كل الضالين مغضوبا عليهم.

بالإضافة إلى أن الضلال والغضب قد يراد منه الضلال والغضب المحدود والمؤقت.. ذلك أن كل منحرف عن الدين الأقوم ضال في ذلك الجزء الذي انحرف فيه، وبذلك يكون قد نال حظا من الغضب بسبب ذلك الضلال، كما يشير إلى ذلك قوله a:

نام کتاب : أسرار ما بعد الموت نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 526
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست