responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أسرار ما بعد الموت نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 419

الداعية إليها، هو نفسه الذي خلق الآخرة، واعتبرها دار الجزاء الإلهي الذي ينسجم مع الفطر والطبائع المختلفة.

ولذلك نرى القرآن الكريم يذكر هذه الناحية من الجزاء، بل يقدمها في أحيان كثيرة على الجزاء الحسي، باعتبار أن السعادة أو الشقاء المرتبط بهما أعظم من السعادة أو الشقاء المرتبط بالجزاء الحسي.

ولهذا عندما ذكر الله المقربين العارفين بربهم الساجدين بكل كيانهم له، لم يذكر التفاصيل الكثيرة المرتبطة بالجزاء الخاص بهم، وإنما قال: ﴿ إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ (15) تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ﴾ [السجدة: 15، 16]، وهذا يدل على توجههم الروحي العظيم لله، ولهذا كان جزاؤهم متناسبا مع ذلك التوجه، كما قال تعالى: ﴿ فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [السجدة: 17]

وهذا يعني أنه يتاح لهؤلاء في الجنة التجول في عوالم الملكوت المختلفة، والتعرف على أسرار خلق الله البديع، للمزيد من الإيمان والطمأنينة والمعرفة بالله، ذلك أن الذي أتاح هذا لأنبيائه في الدنيا، يمكنه أن يتيحها لهم في الدار الآخرة، بل هو من أعظم جزائهم.

وقد ذكر الله تعالى أنه أتاح هذا الجزاء لإبراهيم عليه السلام، فقال: ﴿ وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ﴾ [الأنعام: 75]، وذكر كيف أراه كيفية إحياء الموتى، فقال: ﴿وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ [البقرة: 260]

وهكذا كانت رحلة الإسراء والمعراج لرسول الله a من هذا النوع، حيث كشف الله تعالى فيها لرسوله a حقائق من عوالم الغيب، لم يكن ليعرفها لولا تلك الرحلة، قال

نام کتاب : أسرار ما بعد الموت نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 419
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست