الإسناد ولم يخرجاه بهذه السياقة، وسلمه الذهبي [1].

وهذه النصوص وغيرها، لا تدل على اقتصار هذا الجزاء على رسول الله a، بل إنها تدل على شموله لكل ورثته الصادقين الذين عاشوا حياتهم جميعا يحملون نفس حرصه واهتمامه بالأمة، ولذلك يتاح لهم من التأثير ما يتاح له a.

ونحب أن ننبه هنا إلى أن صلة المقربين أو غيرهم بالحياة الدنيا، لا تتنافى مع كونهم في الجنة، أو غيرها، ذلك أن ما نعرفه من كون الشخص لا يكون في مكانين في نفس الوقت مرتبط بالحياة الدنيا، وقوانينها، أما الحياة الأخرى، فلها قوانينها الخاصة بها.

وقد دلت النصوص على إمكانية أن يكون الشخص هناك في مكانين أو عدة أمكنة في نفس الوقت.. بل دلت على أنه يمكن أن يستمع لملايين الناس، ويرد عليهم في نفس الوقت، مثلما ذكر رسول الله a عن نفسه، أنه يرد السلام على من سلم عليه..وقد يكون أولئك المسلّمون بالملايين، وفي نفس الوقت..

وذلك لا يعني انشغال رسول الله a بالتسليم، بل يعني أنه يمارس ذلك الدور مع غيره من الأدوار في نفس الوقت، مثلما تقوم أجهزتنا الحسية بالقيام بأعمالها من دون أن يطغى بعضها على بعض، ففي وقت واحد نسمع بآذاننا، ونرى بعيوننا، ونشم بأنوفنا، ويمارس قلبنا وجميع أجهزتنا أدوارها بكل دقة من غير أن يطغى بعضها على بعض، أو يمنع بعضها بعضا.

وقد ورد في حديث الإسراء أن رسول الله a أم الأنبياء، وصلى بهم، وفي نفس الوقت رآهم في السموات، فقد روي أن رسول الله a قال: (.. وقد رأيتني في جماعة من الأنبياء، فإذا موسى عليه السلام قائم يصلى، فإذا رجل ضرب جعد كأنه من رجال شنوءة،

[1] المستدرك (2/595)