responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أدوية من الأرض نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 9

البداية

في ذلك اليوم الذي زارني فيه معلم السلام كنت ممتلئا هما وحزنا للتجارة التي يمارسها المصارعون بجسد الإنسان في هذه الأرض التي امتلأت فسادا وصراعا.

فلم يكن الأمر متوقفا على أولئك الرقاة اللصوص الدجاجلة الذين راحوا يبتزون الناس بالخرافة والشعوذة ليخرجوهم من العالم الذي أسكنهم الله فيه إلى عوالم الجن والعفاريت والسحرة والشياطين، بل تعداه إلى أولئك الأطباء العصرانيين الذين فتح الله عليهم الكثير من الفتوح المرتبطة بجسد الإنسان.. فلم يتواضعوا، ويحمدوا الله على تلك النعمة، ويستزيدوه من فضله.. بل راحوا يصيحون بما صاح به قارون حين قال: ﴿ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي ﴾ (القصص: 78)

وليتهم اكتفوا بذلك، بل راحوا يتكبرون على كل الأمم التي فتح الله عليها قبلهم من فتوح الطب ما فتح.. وكأن الطب لم يعرف إلا بمجيئهم.. وكأن البشر قبلهم كانوا يعيشون في الوهم.. وكأن الله لم يرحم عباده في كل العصور السابقة حتى جاء عصرهم، وتداركوا هم ما رأوه قاصرا من رحمة الله.

لم يكن هذا وحده يغيظني ويؤلمني، بل كانت تلك الجفوة والغلظة التي أرى الأطباء، وهم يتعاملون بها مع المرضى، وكأنهم حشرات أو فئرانا بيضاء.. وأرى بعد ذلك الصيادلة، وهم يبيعون الدواء المزيف والمغشوش والممتلئ بالسموم من دون أن يشعروا بألم أو وخز ضمير.

في تلك الحالة من الكآبة والألم والصراع جاءني معلم السلام، وهو يقول: لقد زرت أدوية السماء.. فهلم لتزور أدوية الأرض.

قلت: حسبي بأدوية السماء.. فقد ملأتني أدوية الأرض ألما.

نام کتاب : أدوية من الأرض نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 9
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست