responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : ابتسامة الأنين نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 64

الحكمة الإلهية اقتضت أن يكون الأجلُ مجهولاً وقته، إنقاذاً للإنسان من اليأس المطلق أو من الغفلة المطلقة، وإبقاءاً له بين الخوف والرجاء، حفظاً لدنياه وآخرته من السقوط في هاوية الخسران.. أي أن الأجل متوقع مجيئه كل حين، فإن تمكّن من الإنسان وهو سادر في غفلته يكّبده خسائر فادحة في حياته الأخروية الأبدية. فالمرض يبدد تلك الغفلة ويشتتها، وبالتالي يذكّر بالآخرة ويستحضر الموت في الذهن فيتأهب له. بل يحدث أن يربّحه ربحاً عظيماً، فيفوز خلال عشرين يوماً بما قد يستعصي استحصاله خلال عشرين سنة كاملة[1].

قلت: يا بديع الزمان.. يا من تنور هذا المستشفى ببصيرته.. أخبرني بمثال على ذلك تثبت به قلبي.. فقد عهدتك صاحب أمثلة.

قال: كان هناك فَتَيان - يرحمهما الله -، ورغم كونهما أُميين من بين طلابي، فقد كنتُ ألحظُ بإعجاب موقعَهما في الصف الأول في الوفاء والصدق وفي خدمة الايمان، فلم أدرك حكمة ذلك في حينها، ولكن بعد وفاتهما علمت انهما كانا يعانيان من دائين عضالين، وبإرشاد من ذلك المرض أصبحا على تـقوى عظيمة يسعيان في خدمة راقية، وفي وضع نافع لآخرتهما، على خلاف سائر الشباب الغافلين الساهين حتى عـن فرائضهـم، فنسأل الله أن تـكون سنتا المرض والمعاناة اللتان قضيـاهما في الحياة الدنيا قد تحولتا الى ملايين السنين من سعادة الحياة الابدية [2].

ثم سكت برهة، وقال: ومالي أذهب إلى أصحابي.. سأحدثك عن نفسي.. (حينما وطأت قدماي عتبة الشيخوخة، كانت صحتي الجسدية التي ترخي عنان الغفلة وتمدّها قد اعتلّت أيضاً فاتفقت الشيخوخة والمرض معاً على شن الهجوم عليّ، وما زالا يكيلان على رأسي الضربات تلو الضربات حتى أذهبا نوم الغفلة عنّي. ولم يكن لي ثمة ما يربطني بالدنيا من


[1] اللمعة الخامسة والعشرون: 326، بتصرف.

[2] اللمعة الخامسة والعشرون: 326.

نام کتاب : ابتسامة الأنين نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 64
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست