responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : ابتسامة الأنين نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 157

اقتربنا من الغزالي، فسمعته يقول بحماسة، وكأنه يرافع في محكمة من المحاكم ـ وهو يشير إلى بعض المرضى الجدد ـ: (فإن قلت: فما فائدة الدعاء مع أن القضاء لا مرد له؟ فاعلم أن من جملة القضاء رد البلاء بالدعاء، فالدعاء سبب لرد البلاء ووجود الرحمة، كما أن الترس سبب لدفع السلاح، والماء سبب لخروج النبات من الأرض، فكما أن الترس يدفع السهم فيتدافعان، فكذلك الدعاء والبلاء، وليس من شرط الاعتراف بالقضاء ألا يحمل السلاح، وقد قال تعالى:﴿ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ﴾ (النساء:102)، فقدَّر الله تعالى الأمر وقدَّر أسبابه)[1]

قال المعلم: لقد تحقق هذا المعنى في منتهى كماله في رسول الله a فقد كان يعطي لكل مقام حقه من العبودية، ولعل أدل مثال على ذلك ما وقع منه في غزوة بدر، فقد أراه الله مصارع المشركين حتى أنه أخذ يرها للصحابة، ومع ذلك لم يكف a من الإلحاح على ربه في الدعاء، عن علي قال: ما كان فينا فارس يوم بدر غير المقداد، ولقد رأيتنا وما فينا إلا نائم إلا رسول اللّه a يصلي تحت شجرة ويبكي حتى أصبح.

وفي يوم المعركة نام رسول الله a، ثم استيقظ فزعا، وهو رافع يديه يناشد ربه ما وعده من النصر، ويقول: (اللهم إن تظهر على هذه العصابة يظهر الشرك ولا يقم لك دين)

قلت للمعلم: لكن بعض سالكي طريق المعرفة تأدبوا، فقالوا بشرعية الدعاء، ولكنهم قصروه على المعنى التعبدي المحض الذي يطلب به العبد مجرد الثواب من غير أن يكون له أي تأثير في تحقيق المطلوب.. فلا فرق عند هؤلاء بين الدعاء والامساك عنه بالقلب واللسان في التأثير في حصول المطلوب.. بل إن ارتباط الدعاء عندهم بتحقيق المطلوب كارتباط السكوت، لا فرق بينهما.


[1] الإحياء: 1/328.

نام کتاب : ابتسامة الأنين نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 157
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست