responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : النبي الهادي نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 317

سادسا ـ المربي

قلت: فحدثني عن رحلتك السادسة.

قال: بعد خروجي من غرداية، سرت إلى بلدة أخرى من بلاد الجزائر العريقة يقال لها (تلمسان)، وما إن دخلتها وسرت على ثراها، حتى امتلأت نفسي بأشواق غريبة تريد أن ترفعني عن أجواء الأرض وتضاريسها لتضعني في أجواء أنقى، وتضاريس أطهر..

لست أدري سر ذلك التسامي الذي امتلأت به نفسي في تلك اللحظة، مع أن المدينة التي كنت أتجول في شوارعها كانت ممتلئة بالعمران والحضارة، سواء منها ما ورثته من القرون السالفة، أو ما بنته من إيحاء هذا القرن.. فلم يكن في ظاهرها ما يدعو إلى الزهد والتسامي.. بل كان ظاهرها يدعو إلى التثاقل إلى الأرض والانشغال بمتاعها.. وهذا ما ملأني بالغرابة..

لكن الغرابة سرعان ما زالت..

لقد كنت في ذلك الشارع المسمى (العباد).. وهو شارع من شوارع تلمسان الغارقة في القدم.. وهو يحوي ضريح الولي الصالح والمربي الكبير فخر تلمسان وشرفها (أبي مدين شعيب)[1]، أو ما يسميه الناس ـ كل الناس ـ في تلك المدينة (سيدي بومدين)

شد سمعي، وأنا أقطع ذلك الشارع، أصوات عذبة، وكأنها قادمة من القرون السالفة، بل من عهد أبي مدين نفسه.. كان الصوت يردد قصيدة أبي مدين التي يقول فيها:

الله قل وذر الوجود وما حوى

إن كنت مرتاداً بلوغ كمال‌ ‌

فالكل دون الله إن حققته

عدمٌ على التفصيل والإجمال‌ ‌

من لا وجود لذاته من ذاته

فوجوده لولاه عين محال‌ ‌


[1] أشير به إلى الولي الكبير أبي مدين شعيب بن حسين الأنصاري، أصله من (حصن قطنيانة) قرية تابعة لِإشبيلية في الأندلس، هاجر إلى بجاية صغيراً، وعاش فيها، وتوفي في (العباد) في ضواحي تلمسان عام: (594هـ) وقيل قبل ذلك.

نام کتاب : النبي الهادي نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 317
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست