responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الباحثون عن الله رواية نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 610

 

 

تاسعا ـ الودود

في اليوم التالي[336].. ومع تنفس الصبح سمعنا صوتا يصيح بتأوه وشوق (الله.. الله.. الله)[337].. يمد بها صوته، وكأن روحه كانت تنطق بكل حرف من حروفها.


[336] كما ذكرنا في الفصول الماضية السبل النقلية والعقلية للتعرف على الله، فإنا سنحاول في هذا الفصل التعرف على المنهج العرفاني أو الصوفي، وهو منهج من المناهج الشرعية.. بل هو أقرب المناهج إلى الشريعة، وأيسرها على العامة والخاصة.. وقد اخترنا أن نجعله في خاتمة الفصول باعتبار هذا المنهج هو المنهج الذي آل إليه الكثير من المتكلمين.. وهذا لا يعني الانتقاص من سائر المناهج.. بل نرى تكاملها.. فالمناهج العقلية والنقلية تخاطب العقل.. وهذا المنهج يخاطب الوجدان.. ولا تناقض إن اختلف محل الخطاب.

[337] يعترض البعض على ذكر الله بهذه الصيغة، وهو اعتراض غير وجيه من وجوه متعددة:

منها أنه ورد في الحديث عن النبي r مشروعية هذا الذكر، ففي الحديث عن النبي r قال: (لا تقوم الساعة حتى لا يقال في الأرض الله، الله)، وفي رواية عنه:(لا تقوم الساعة على أحد يقول: الله، الله) (رواه مسلم في صحيحه في كتاب الإيمان)

وروى أحمد في الزهد عن ثابت قال: كان سلمان في عصابة يذكرون الله فمر النبي r فكفوا فقال: ما كنتم تقولون؟ قلنا: نذكر الله ، الله، فقال: إني رأيت الرحمة تنزل عليكم فأحببت أن أشارككم فيها ثم قال: الحمد لله الذي جعل في أمتي من أمرت أن أصبر معهم.

ومنها أن الكثير من العلماء أفتوا بمشروعية ذلك بناء على ما ورد من النصوص، فقد قال العلامة ابن عابدين في حاشيته الشهيرة عند شرح البسملة وتبحثه عن لفظ (الله) روى هشام عن محمد عن أبي حنيفة أنه أي الله اسم الله الأعظم، وبه قال الطحاوي: وكثير من العلماء وأكثر العارفين حتى أنه لا ذكر عندهم لصاحب مقام فوق الذكر به كما في شرح التحرير لابن أمير حاج. (حاشية ابن عابدين ج1ص5 -7)

وقال الخادمي:(واعلم أن اسم الجلالة (الله) هو الاسم الأعظم عند أبي حنيفة والكسائي والشعبي وإسماعيل بن إسحاق وأبي حفص وسائر جمهور العلماء وهو اعتقاد جماهير مشايخ الصوفية ومحققي العارفين فإنه لا ذكر عندهم لصاحب مقام فوق مقام الذكر باسم الله مجردا قال الله لنيه المصطفى r: (قل الله ثم ذرهم).

وقال الجنيد: (ذاكر هذا الاسم (الله) ذاهب عن نفسه متصل بربه قائم بأداء حقه ناظر إليه بقلبه قد أحرقت أنوار الشهود صفات بشريته)

وقال ابن عجيبة:(فالاسم المفرد (الله) هوسلطان الأسماء وهو اسم الله الأعظم ولا يزال المريد يذكره بلسانه ويهتز به حتى يمتزج بلحمه ودمه وتسري أنواره في كلياته وجزئياته..)( تجريد ابن عجيببة على شرح متن الأجرومية ص 15)

وقال أبو العباس المرسي:(ليكن ذكرك (الله، الله) فإن هذا الاسم سلطان الأسماء وله بساط وثمرة فبساطه العلم وثمرته النور وليس النورمقصودا لذاته بل لما يقع به من الكشف والعيان فينبغي الإكثار من ذكره واختياره على سائر الأذكار لتضمنه جميع ما في (لا إله إلا الله) من العقائد والعلوم والآداب والحقائق) (نور التحقيق ص 174)

ومن المعاصرين يقول محمد سعيد رمضان البوطي: (ولكن عامة المسلمين من غيرهم أي الذين ينكرون الذكر بالاسم المفرد (الله) لا يجدون حرجا من ان يذكروا الله بأي من أسمائه وصفاته المفردة أو يذكروه بشيء من الصيغ أو الجمل الدالة على معنى يتضمن حكما من أحكام التوحيدأو التنزيه ودليلهم على ذلك صريح قول الله عز وجل (واذكر اسم ربك بكرة وأصيلا) (الأعراف:25).. ومن المعلوم أن أول أسمائه تعالى الله، وقال تعالى (واذكر ربك في نفسك تضرعا وخيفة ودون الجهر من القول بالغدو والآصال ولا تكن من الغافلين)( الأعراف: 205)

وذكر الله في النفس أعم من أن يقيد بمدلول جملة ذات معنى متكامل يتضمن حكما من أحكام التوحيد او التنزيه فإن الجملة من مستلزمات التراكيب اللفظية والذكر النفسي قد لا يعتمد على شيء من هذه التراكيب وإنما يكون بإجراء اسم الجلالة أو أي صفة من صفات الله تعالى كالخالق الرزاق المصور الحكيم.. وغيرها على القلب بحيث يكون يقظا لشهود الله تعالى ففي اسمه المفرد أو أي صفة من صفاته المعروفة. (السلفية، البوطي، ص 193- 194)

أما ما يورده بعضهم من أن الاسم الله المفرد لا يؤلف جملة مفيدة تامة يحسن السكوت عليها كقولنا الله غفور، فقد أجاب العلماء على ذلك بأن الذاكر باسم الله المفرد إنما يخاطب الله وحده وهو جل جلاله عالم بما في نفسه مطلع على سريرته فلا يشترط في الخطاب معه ما يشترط في الخطاب مع البشر من جعل الكلام تاما مفيدا يحسن السكوت عليه.

وقول (الله ، الله) إنما هو نداء بحذف أداة النداء وأصله ( يا الله، يا الله) كقوله تعالى (يوسف أعرض عن هذا)( يوسف: 29)، وأصله يا يوسف، ثم إن المنادى عند النحويين مفعول به لفعل محذوف وأصل الكلام (أدع الله) وقد يكون المبتدأ الله والخبر الله أو اسم من أسماء الله عز وجل، ويكون هناك في القلب ( العفو، الرحيم..) وذلك كما أراد أحدهم أن يشبه شجاعة زيد بشيء آخر فلم يستطع فقال: زيد زيد.

نام کتاب : الباحثون عن الله رواية نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 610
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست