responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : هکذا يفکر العقل السلفي نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 132

(المتوفى 852 هـ) في كتابه (تعريف أهل التقديس بمراتب الموصوفين بالتدليس)، والذي جمع فيه من رواة الكتب الستة وغيرهم، وقسمهم على مراتب خمس ؛ لكل واحدة منها ضابط ووصف.

وحتى نفهم خطورة المسألة، ودورها في القضاء على كل تلك المفاخر التي يزعمها السلفية لأنفسهم ولأسلافهم، فسننقل هنا من كلامهم ما يبين أنواع التدليس والأضرار الناتجة عنها، لنكتشف من خلال ذلك الثغرات الخطيرة التي تكمن في علم الرواية.

فمن أقسام التدليس ما سموه [تدليس الشيوخ]، وقد عرفه الخطيب بقوله: (.. أن يروي المحدث عن شيخ سمع منه حديثاً، فيغير اسمه، أو كنيته، أو نسبه، أو حاله المشهور من أمره ؛ لئلا يعرف) [1]

وعرفه ابن الصلاح بقوله: (هو أن يروي عن شيخ حديثاً سمعه منه ؛ فيسميه أو يكنيه بما لا يُعرف به كي لا يُعرف)[2]

ومن الأمثلة التي يوردها المحدثون للدلالة على صعوبة التعرف على التدليس ما ورووا أنه اجتمع أصحاب هشيم ؛ فقالوا : لا نكتب عنه شيئا مما يُدَلِّسُه ؛ ففطن لذلك، فلما جلس قال : حدثنا حصين ومغيرة عن إبراهيم ؛ فحدث بعده أحاديث، فلما فرغ قال : هل دلست عليكم شيئا ؟ قالوا : لا.فقال : بلى كل ما حدثتكم عن حصين فهو سماعي، ولم أسمع من مغيرة من ذلك شيئاً[3].

ويكفي هذان لإدراك خطورة هذا النوع من التدليس، لأن قيام علم الحديث على الرجال، والتعمية وتعمد إخفاء الضعفاء، بمثابة التستر على المجرمين، وكان الأصل بالمحدثين أن يتعاملوا مع المتسترين على الرواة الكذابين والضعفاء، بمثل ما تتعامل به القوانين مع المتسترين على المجرمين، لكنا للأسف لم نرى ذلك.. وكأن الكذب على رسول الله k أقل جرما من غيره من الجرائم.

والقسم الثاني من التدليس هو تدليس الإسناد، وقد عرفه أبو بكر بن البزار بقوله: (هو أن يروي عمن قد سمع منه مالم يسمعه منه من غير أن يذكر أنه سمعه منه)[4].

وعرفه ابن حجر بأنه: (.. أن يروي عمن لقيه شيئاً لم يسمعه منه بصيغه محتملة، ويلتحق به من رآه ولم يجالسه ... وإذا روى عمن عاصره، ولم يثبت لقيه له شيئاً بصيغه محتمله ؛ فهو الإرسال الخفي) [5]

وقال: (والذي يظهر من تصرفات الحذاق منهم أن التدليس مختص باللقي ؛ فقد أطبقوا على أن رواية المخضرمين مثل : قيس بن أبي حازم، وأبي عثمان النهدي وغيرهما عن النبي k من قبيل المرسل لا من قبيل المدلس)[6]

والتأمل في هذه التعاريف وحدها كاف في بيان خطورة التدليس الذي لم يكد ينجو منه أحد.. ولهذا نجد مشايخ السلف يعتذرون لأنفسهم إن اكتشف تدليسهم بأن لهم أسوة في ذلك بمن سبقهم من المحدثين الثقاة، قال ابن المبارك : (قلت لهشيم : لِمَ تُدَلِّس، وأنت كثير الحديث ؟ فقال : كبيراك قد دَلَّسا الأعمش وسفيان) [7]

بل يذكرون بأن أول من سن سنة التدليس الصحابة، كما قال الذهبي تعليقا على


[1] الكفاية للخطيب البغدادي (ص 365)

[2] مقدمة ابن الصلاح (ص167)

[3] معرفة علوم الحديث (ص 105)

[4] التقييد والإيضاح للعراقي (ص 96، 7 9(

[5] تعريف أهل التقديس بمراتب الموصوفين بالتدليس (ص 68-69)

[6] النكت على كتاب بن الصلاح (2/623)

[7] تهذيب التهذيب (4/281)

نام کتاب : هکذا يفکر العقل السلفي نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 132
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست